آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

يزعم المؤرخون وفاته "مسمومًا" بسبب قصائده اللاذعة

"شاعر الخمر" أبو نواس هرب من نعيم الرشيد بعد "نكبة البرامكة"

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  -

شاعر الخمر أبونواس
القاهرة ـ أسامة عبد الصبور

يُعدّ الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكمي، المُكنى بأبي علي وأبي نؤاس والنؤاسي، أحد أشهر شعراء العصر العباسي كما عرف بـ"شاعر الخمر"، بينما أكد البعض أنه تاب عما كان فيه واتجه فيما بعد إلى الزُهد وأنشد عددًا من الأشعار التي تدل على ذلك.

وولد "أبو نواس" في الأحواز، جنوب غربي إيران، العام ( 145هـ / 762م ) لأب دمشقي/ سوري وأمٍ فارسية الأصل، ومن المرجح أن والده كان من جند مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية في دمشق، وأباه عربي النسب من عشيرة طيء من بني سعد، كما ذكر في كتب التاريخ، وكان جده مولى للجراح بن عبدالله الحكمي أمير خراسان، فنسب إليه، وذكر ابن عساكر أن أباه كان من أهل دمشق.

وتوفي والده فانتقلت به أمه من الأحواز إلى البصرة في العراق، وهو في السادسة من عمره ثم انتقل من البصرة إلى الكوفة وصحب جماعةً من الشعراء كمطيع بن إياس وحماد عجرد،  ثم انتقل إلى بادية بني أسد فأقام فيهم عامًا كاملًا، آخذاً اللغة من منابعها الأصيلة، ثم عاد إلى البصرة وتلقى العلم على يد علمائها أدبًا وشعرًا.

ولم يقتصر علمه على الشعر والأدب بل كان يدرس الفقه والحديث والتفسير، حتى قال فيه ابن المعتز في كتابه "طبقات الشعراء": كان أبو نواس عالمًا فقيهاً عارفًا بالأحكام بصيرًا بالاختلاف، صاحب حفظٍ ونظرٍ ومعرفةٍ بطرق الحديث، يعرف محكم القرآن ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه.

وفي البصرة شُغِف أبو نواسٍ بجاريةٍ تدعى "جَنان" وغناها بشعرٍ كثيرٍ يعبر عن عمق شعوره نحوها، وقد قصد أبو نواسٍ بغداد وامتدح هارون الرشيد ونال مكانةً مرموقةً لديه، ولكن هارون الرشيد كان كثيرًا ما يحبسه عقابًا له على ما يورد في شعره من المباذل والمجون.

وقد أطال الرشيد حبسه حتى عفا عنه بشفاعةٍ من البرامكة الذين كان أبو نواسٍ قد اتصل بهم ومدحهم، ولعل صلته الوثيقة بهم هي التي دفعته إلى الفرار حين نكبهم الرشيد فيما عرف فيما بعد بـ"نكبة البرامكة".

وذهب أبو نواسٍ إلى دمشق ثم إلى مصر متجهًا إلى الفسطاط، عاصمتها آنذاك، واتصل بوالي الخراج فيها الخصيب بن عبد الحميد فأحسن وفادته وغمره بالعطاء فمدحه بقصائد مشهورة.
وبعدما توفي هارون الرشيد وخلفه ابنه الأمين عاد أبو نواسٍ إلى بغداد متصلاً به، فاتخذه الأمين نديمًا له يمدحه ويُسمعه من طرائف شعره، غير أن سيرته ومجاهرته بمباذله جعلتا منادمته الأمين تشيع بين الناس.

وفي نطاق الصراع بين ابني الرشيد، الأمين والمأمون، كان خصوم الأمين يعيبون عليه اتخاذ شاعرٍ خليعٍ نديمًا له، ويخطبون بذلك على المنابر، فيضطر الأمين إلى حبس شاعره، وكثيرًا ما كان يشفع الفضل بن الربيع له لدى الخليفة فيخرجه من سجنه، وعندما توفي الأمين رثاه أبو نواسٍ بقصائد تنم عن صدق عاطفته نحوه.

ولم يلبث أبو نواسٍ أن توفي العام ( 199هـ / 813م ) قبل أن يدخل المأمون بغداد، وقد اختلف في مكان وفاته؛ أهي في السجن أم في دار إسماعيل بن نوبخت، وقد اختلف كذلك في سبب وفاته وقيل إن إسماعيل هذا قد سمّه تخلصًا من حدة لسانه.

وذكر الخطيب البغدادي، صاحب كتاب "تأريخ بغداد"، في الجزء السابع، صفحة 448، أن الشاعر أبو نواس دفن في مقبرة "الشوينزية" في الجانب الغربي من بغداد عند تل يسمى تل اليهود وهي مقبرة الشيخ جنيد حاليًّا.

وأهم ما في شعره "خمرياته" التي حاول أن يضارع بها الوليد يزيد أو عدي بن يزيد واللذين اتخذهما مثالاً وقدوة له، و قد حذا حذو معاصره حسين بن الضحاك الباهلي الذي لا شك أننا لا نستطيع أن نجد بينه و بين أبي نواس فوارق روحية.

أما مدائحه فتبدو فيها الصناعة بوضوح "قليلة القيمة"، وعن أشعاره في الرثاء نجد فيها عاطفة عميقة وحزنًا مؤثرًا، يجعلنا نفتقر بعض ما فيها من نقائص كالمبالغة المعهودة في الشرق.
ونبغ أبو نواس في أشعاره الغزلية، ففيها من العاطفة والشاعرية الصادقة بقدر ما فيها من الإباحية والتبذل، كما نبغ في زهدياته في تناقض واضح ألم بتركيبته النفسية والشعورية، كما نبغ في أشعاره عن الصيد التي تبدو مبتكرة.

وجمع ديوان أبي نواس كثيرون منهم الصولي المتوفى العام 338هجري (946م) وجمعه في 10 فصول, والأصفهاني الذي نسخه بشكل أكثر اتساعًا وأقل تحقيقًا، كما جمعها المهلهل بن يموت بن مزرد الذي كان على قيد الحياة العام 332هجري (943م) برسالة عنوانها "سرقات أبي نواس".

ومن أشعاره:
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ
ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ
صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها
لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ
مِنْ كَفّ ذات حِرٍ في زيّ ذي ذكرٍ
لَها مُحِبّانِ لُوطيٌّ وَزَنّاءُ
َقامْت بِإبْريقِها ، والليلُ مُعْتَكِرٌ
فَلاحَ مِنْ وَجْهِها في البَيتِ لألاءُ
فأرْسلَتْ مِنْ فَم الإبْريق صافيَة ً
كأنَّما أخذُها بالعينِ إعفاءُ
َرقَّتْ عَنِ الماء حتى ما يلائمُها
لَطافَة ً، وَجَفا عَنْ شَكلِها الماءُ
فلَوْ مَزَجْتَ بها نُوراً لَمَازَجَها
حتى تَوَلدَ أنْوارٌ وأَضواءُ
دارتْ على فِتْيَة ٍ دانًَ الزمانُ لهمْ،
فَما يُصيبُهُمُ إلاّ بِما شاؤوا
لتِلكَ أَبْكِي ، ولا أبكي لمنزلة ٍ
كانتْ تَحُلُّ بها هندٌ وأسماءُ
حاشا لِدُرَّة َ أن تُبْنَى الخيامُ لها
وَأنْ تَرُوحَ عَلَيْها الإبْلُ وَالشّاءُ
فقلْ لمنْ يدَّعِي في العلمِ فلسفة ً
حفِظْتَ شَيئًا ، وغابَتْ عنك أشياءُ
لا تحْظُرالعفوَ إن كنتَ امرَأًَ حَرجًا
فَإنّ حَظْرَكَهُ في الدّين إزْراءُ

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاعر الخمر أبو نواس هرب من نعيم الرشيد بعد نكبة البرامكة شاعر الخمر أبو نواس هرب من نعيم الرشيد بعد نكبة البرامكة



GMT 16:34 2022 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

عيسى مخلوف في ضفافه الأُخرى: سيرة الذات والآخر

GMT 11:05 2020 الثلاثاء ,28 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 20:22 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض الجيل الثاني من "رينو كابتشر" في معرض فرانكفورت

GMT 07:04 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

اوتلاندر PHEV 2019 تتمتع بانخفاض الضرائب

GMT 05:07 2015 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتداء بيجامات النوم خارج المنزل أكثر صيحات الموضة تنافسية

GMT 06:57 2016 الثلاثاء ,19 إبريل / نيسان

أهم 5 ألوان للشعر في موضة صيف و ربيع 2016

GMT 08:05 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

"الجينز المطاطي" يعود من جديد بعد اختفائه عن عالم الموضة

GMT 05:08 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حذاء المحارب الرانجر ""Combat Shoes يُسيطر على موضة الخريف

GMT 19:21 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عاصى الحلانى يحيى ذكرى رحيل وديع الصافى بكلمات مؤثرة

GMT 17:47 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنانة غنوة سليمان إثر حادث سير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca