طرابلس - مفتاح المصباحي
ارتفعت حصيلة المواجهات الدامية التي وقعت، السبت، أمام مقر كتيبة درع ليبيا في بنغازي، إلى 28 قتيلاً، وأكثر من 55جريحاً، حسب إحصائيات أولية صادرة عن مستشفيات بنغازي. واشتعل فتيل المواجهة المسلحة بمحيط الكتيبة بعد تجمهر عدد من المواطنين أمام مقر الكتيبة مُطالبين أفرادها بإخلاء المكان، فيما كان إطلاق النار من الطرفين وبدأ توافد أعداد غفيرة من المواطنين مما زاد من حدَّة الاشتباكات
وسقوط الضحايا.
وقدَّم رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان تعازيه إلى أهالي الضحايا في هذه الأحداث، مشيراً في كلمةٍ تلفزيونية إلى أنه قطع جولة داخلية ليتابع الأمر مع وزير الدفاع ووزير الداخلية، وآمريّ القوات الخاصة والعمليات والقيادات كافة في بنغازي.
وقال زيدان " تابعنا الأمر حتى وصلت الجهود إلى وقف الاقتتال، وخروج قوات الدرع من المعسكر ودخول المواطنين له وسيطرة الجيش على المقر والأسلحة الثقيلة به"، مُلخصاً ما حدث في أن مجموعة من المواطنين جاءوا يريدون إزالة بوابة موجودة في مدخل بنغازي الشرقي على الطريق المتجهة إلى المرج في منطقة الكويفية، وكذلك إخراج قوات الدرع من المعسكر.
وأوضح زيدان أن هذا الدرع شكلته مجموعة من الثوار، وتمَّ اعتماده من رئاسة الأركان العامة، إلا أن المواطنين في بنغازي رأوا أن هذا الأمر ينبغي أن يكون للجيش والشرطة فقط، فحدثت مواجهة بينهم وقوات الدرع ترتب عليها وفاة العديد من المواطنين والعشرات من الجرحى.
ودعا زيدان المواطنين إلى توخي الحيطة والحذر في هذه المرحلة الحساسة، وأن يتحلى الجميع بضبط النفس لأن البلاد لا تحتمل هذه التداعيات، مؤكداً في الوقت ذاته أن أن النيابة العامة باشرت التحقيقات في الأحداث، وأن أعضاء وزارة الداخلية والشرطة العسكرية يتابعون التحقيقات بشأن هذه الأحداث .
وقال زيدان" ينبغي أن نتفهم مطالب الكثيرين في نزع الأسلحة وعودتها إلى موقعها المناسب، الجيش والشرطة"، مُضيفاً أن قضية الثورة لن تستمر إلى الأبد، وينبغي إيجاد حلول لوضعية السلاح في البلاد حتى لا تتكرر مثل هذه الأحداث.
ونعت وزارة الداخلية بكل آسف وآسى الأرواح التي فقدت نتيجة الأحداث الدامية والمؤسفة التي جرت في مدينة بنغازي، السبت.
وأكدت الوزارة في بيان لها تلقت وكالة الأنباء الليبية نسخه منه وقوفها مع شرعية الدولة ورفضها كل ما من شأنه أن يؤدي إلى إراقة الدماء بين أبناء الوطن الواحد.
وأهابت وزارة الداخلية بالجميع في مدينة بنغازي التحلي بضبط النفس ومعالجة الأمور بحكمة وعقلانية حتى لا تؤول الأمور إلى مالا يحمد عقباه، واستغلال الظرف من قبل ضعاف النفوس مما قد يؤدي إلى انعدام الاستقرار وعرقلة سير عمل مؤسسات الدولة، مشيرة إلى أنها ستعلن نتائج التحقيق فور الانتهاء منه.
وأشار الناطق الرسمي باسم رئاسة الأركان الليبية علي الشيخي، في تصريحاتٍ أفاد بها لوكالة الأنباء الليبية، إلى أن كتيبة درع ليبيا هي قوة احتياطية تابعة للجيش الليبي، وأن الهجوم عليها يمثل اعتداءً على معسكر شرعي، واصفاً الأمر بأنه خطيرٌ جداً.
وشهد ميدان الشهداء في العاصمة الليبية طرابلس، السبت، مظاهرة كبيرة شارك فيها أهالي المدينة ومؤسسات المجتمع المدني والأطياف الباقية، تحت شعار(من أجل طرابلس الكبرى).
وطالب المتظاهرون المؤتمر الوطني العام والحكومة الموقتة بتنفيذ القرار الصادر عن المؤتمر بشأن إخلاء المدينة من المظاهر المسلحة، مُعلنين أنهم يرفضون تواجد التشكيلات المسلحة كلها ذات الطابع القبلي والأيديولوجي داخل المدينة، وعدم القبول إلا بجيش وطني وأمن وطني من خلال بناء وتفعيل الجيش والشرطة.
وأكدوا أنهم سيعملون على طرد هذه التشكيلات غير الشرعية من داخل المدينة، حيث لا مكان داخل طرابلس إلا لشرعية الدولة.
كما طالب المتظاهرون المؤتمر الوطني العام بإصدار قانون العاصمة، وبتطبيق قانون الحكم المحلي، مع ضرورة مراعاة حجم وأهمية منطقة طرابلس الكبرى، بعدد سكانها البالغ نحو مليوني نسمة، ومنحها حقوقها كاملةً دون إهمالٍ أو تهميش كالذي تعانيه.
وشددوا على ضرورة تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، مع العمل على تنظيم السجل المدني والإحصائيات السكانية الخاصة بها بطريقة صحيحة، والرفع من مستوى البنية التحتية للمدينة لتواكب الكثافة السكانية بها والحجم الجغرافي الذي تمتد عليه.
وتأتي هذه المظاهرة في وقتٍ أعلنت فيه الحكومة المؤقتة عن عدد بلديات البلاد والتي وصلت إلى 99 بلدية، سيتم انتخاب عُمدائها خلال الفترة المقبلة، مع إرجاء تقسيم البلاد إلى محافظات نظراً للواقع الأمني الهش الذي تعيشه البلاد، وما يترتب على ذلك التقسيم من مشاكل وخلافات بين المناطق بشأن الحدود الإدارية والتبعية المكانية والإدارية.
وكان رئيس الحكومة الليبية الموقتة علي زيدان قد طالب المواطنين الليبيين الأسبوع الماضي بعدم الدخول في نقاشات ومنازعات بشأن الحدود الإدارية للبلديات، فالوضع العام في البلاد يتطلب التهدئة وعدم إثارة المشاكل.
ولم تشهد البلاد خلال فترة حكم النظام السابق استقراراً إدارياً ولا شكلاً واضحاً وثابتاً للحكم المحلي، حيث تدرجت من البلديات إلى المحافظات إلى الشعبيات، إلى المناطق، ما أدى إلى نشوب خلافات بين المناطق التي يغلب عليها الطابع القبلي، وعدم توزيع الخدمات بشكل صحيح على مناطق البلاد كلها، وساعد على ذلك مركزية القرار، مما جعل تركيز الخدمات في مناطق بعينها وتهميش وإهمال أخرى.
وبدأ رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان السبت جولة محلية زار خلالها مناطق بغرب ليبيا منها زوارة وزلطن، رافقه فيها وزير الداخلية الجديد محمد الشيخ، ووزير الصحة نورالدين دغمان، لحث المواطنين على المساعدة في بناء أجهزة الحكم المحلي وانتخاب عُمداء البلديات بصورة هادئة دون إثارة للمشاكل بين المناطق والقبائل.
وفي اجتماعٍ لهم مع عقد أعضاء المجلس المحلي لمنطقة زلطن ووجهاء وأعيان المنطقة، أكد زيدان على استعدادا الحكومة لبناء البلديات في ليبيا التي يصل عددها إلى 99 بلدية، وكذلك لتعزيز الأمن والاستقرار وبث روح المصالحة ومشاركة أبناء المنطقة في حركة البناء والتنمية والإعمار، مشيرا إلى حرص الحكومة على تعزيز المؤسسات الأمنية والحد من التهريب ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
وتطرَّق الاجتماع إلى ما تعانيه منطقة زلطن من نقصٍ في مياه الشرب، وتدني مستوى الخدمات الصحية، وضعف البُنى التحتية، فيما أكد زيدان حرص الحكومة على توفير المسكن اللائق، والخدمات الصحية الجيدة لأهالي المنطقة، وحلّ مشكلة نقص مياه الشرب.
و التقى وفد الحكومة برئاسة زيدان مع رئيس وأعضاء المجلس المحلي زوارة، بهدف تعزيز الأمن وتأمين المنطقة الحدودية والحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية والتهريب.
وأكد زيدان خلال اللقاء حرص الحكومة على تنفيذ مشروعات التنمية التي تحتاجها المدينة واستكمال المتوقف منها خاصة بقطاع الإسكان والمرافق والصحة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر