لندن ـ سليم كرم
لندن ـ سليم كرم
وقَّعت "منظمة التحرير الفلسطينية"، و"حماس"، على "اتفاق ينص على إنهاء 7 سنوات من الانقسام العنيف، مما يُمهِّد لإجراء انتخابات في وقت لاحق، من ذلك العام، على أن يتم تشكيل حكومة مُوحَّدة في غضون أسابيع".
وجاءت تلك الخطوة بعد يوم من المحادثات بين فتح وحماس في غزة،
استمرت حتى الساعة الثالثة صباحًا، وتأتي قبل أقل من أسبوع من موعد انتهاء مباحثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، في 29 نيسان/أبريل الجاري، وتحاول الولايات المتحدة بذل جهدًا لتمديد تلك المحادثات لمدة 9 أشهر.
وردَّت إسرائيل على الفور، بشأن ما دار بين الفصائل الرئيسة الفلسطينية، قائلة: إن "الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ينتقل إلى السلام مع حماس، بدلًا من السلام مع إسرائيل".
وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، "هو عليه الاختيار، هل هو يريد السلام مع حماس أم السلام مع إسرائيل؟ عليك أن تختار خيارًا واحدًا ولا غيره، وآمل أن يختار السلام، حتى لو لم يفعل ذلك".
بعد الإعلان عن الاتفاق، ألغت إسرائيل الدورة المزمع عقدها بشأن مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، كما أطلقت غارة جوية على موقع في شمال قطاع غزة، مما أسفر عن إصابة 12 شخصًا، بينهم أطفال، مما يبرز الشك المتبادل والعميق والعداء الذي لا يزال قائمًا.
وقال متحدث في رام الله، في الضفة الغربية، "يرى عباس أن الاتفاق مع "حماس" لا يتعارض مع محادثات السلام مع إسرائيل"، مضيفًا أنه "يهدف إلى إقامة دولة مستقلة، تعيش في سلام إلى جانب إسرائيل".
وكان الاتفاق الذي وُقِّع في مدينة غزة الأربعاء، بواسطة رئيس حركة "حماس"، إسماعيل هنية، ووفد رفيع المستوى من "منظمة التحرير الفلسطينية"، التي أوفدها عباس، ليُمثِّل أحدث محاولة خلال 3 سنوات لإنهاء انشقاق الفصيلين.
وهلَّل الحضور عندما أعلن الفصيلين اتفاقهما خلال مؤتمر صحافي في قاعة ملحقة بمنزل إسماعيل هنية، على شاطئ مخيم اللاجئين، وأنهى الفصيلان الخلاف بين غزة والضفة الغربية، وعلَّق هنية "انتهى عصر الفتنة، وهذا هو الخبر السار الذي لابد أن نقوله للناس".
وعلى الرغم من أن الكثير من المحاولات السابقة فشلت في الصلح بينهما، إلا أن الفصائل توصلت إلى اتفاق رغم أنها تعاني من مشاكل داخلية، فأصبحت حركة "حماس" في عزلة دولية أكثر من أي وقت مضى، ولاسيما منذ الإطاحة بـ"الإخوان المسلمين" في مصر العام الماضي، ولجأت السلطات المصرية بقيادة الجيش إلى تحطيم الأنفاق التي تربط بين مصر وغزة.
كما تضرَّرت حركتي "فتح"، و"حماس" من فشل مفاوضات السلام، في ظل استمرار بناء المستوطنات الإسرائيلية، وكل ذلك كان بمثابة دافع لوضع قضية المصالحة في جدول أعمال الفصيلين.
وبالرغم من أن الحديث قبل الاتفاق عن تشكيل سريع لحكومة وحدة وطنية ومرسومًا للانتخابات، إلا أن صيغة الاتفاق كانت أقل مما تحدثوا عنه في السابق، حيث أشارت إلى "موعد محتمل لإجراء انتخابات خلال 6 أشهر على الأقل، بعد محادثات بشأن تشكيل حكومة جديدة بالاتفاق".
وكان البيان الذي ألقاه الفصيلان غير واضح، بشأن نسبة تمثيل "حماس" في الحكومة الجديدة، وذلك بدوره سيؤدي إلى خفض في تمويل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ومع ذلك أشار المتشككون إلى "وجود اتفاقات مماثلة بين الجانبين، تحت رعاية عربية، تم التوصل إليها في الماضي، لكنها لم تُنفَّذ".
وقالت المتحدثة باسم الولايات المتحدة، جين بساكي، إن "واشنطن اضطربت من ذلك الإعلان، الذي بدوره يزيد من تعقيد تمديد مفاوضات السلام"، مضيفة أن "ذلك أمر مخيب للآمال بالتأكيد، ويثير مخاوف بشأن جهودنا لتوسيع نطاق المفاوضات، ومن الصعب أن نرى كيف يمكن لإسرائيل أن تتوقع التفاوض مع حكومة لا تُؤمن بحقها في الوجود".
وأشارت بساكي، إلى أن "ما حدث سيُؤثِّر على سياسات الولايات المتحدة تجاه فلسطين، بما في ذلك المعونة، وينبغي على "حماس" أن تدخل في الحكومة دون الالتزام بمجموعة من المبادئ، ومنها الاعتراف بإسرائيل، والاتفاق على الاتفاقات السابقة، والالتزام بعدم اللجوء إلى العنف".
ويذكر أن جذور الصراع بين اثنين من أكبر الحركات الفلسطينية تعود إلى انتخابات العام 2006، التي فازت بها حماس، لكن الغرب وإسرائيل وعباس، رفض الاعتراف بذلك إلى حد كبير.
وحينها أكَّدت حماس، على "سيطرتها على قطاع غزة في العام 2007، وتركت عباس مسؤولًا عن أجزاء من الضفة الغربية فقط، ومنذ ذلك الحين رسخ الصراع بين كلا الجانبين، وبدأ كلٌّ منهما في إقامة الحكومات المعنية وقوات الأمن الخاصة بهم، وتوقيف منافسيهم، ويشار إلى أنه لم يكن هناك أي ذكر في الاتفاق بين الفصيلين عن التعاون الأمني مع إسرائيل.
وحذَّر مسؤول إسرائيلي كبير، من "الآثار المترتبة على اتفاق غزة"، قائلًا إن "الاتفاق غامض بشأن الكثير من التفاصيل، ومكتب رئيس الوزراء يجري مشاورات تلك الليلة بشأن ذلك، فهو لا يبشر بالخير، ولكننا سننتظر لنرى".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر