غوانتنامو - المغرب اليوم
على بعد أميال قليلة يقبع المدعو شاكر عامر أخر سجين بريطاني فى سجن خليج "غوانتنامو" الأميركي، يبدأ يومه في زنزانته رقم "80 س ك" والذي كان اعتقل قبل 12 عاما . السجين عامر هو رجل متزوج وأب لأربعة أطفال ويبلغ من العمر 42 عاما وهومن ضمن المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم عام 2007
والذين لا يزالون سجناء دون أي تهمة موجهة اليهم ليواجهوا يومياً ما يسموه "العيش بالجحيم" داخل السجن الأسوء سمعة فى العالم .
الأسبوع الماضي سافرت آخر مجموعة من المعتقلين الى أبعد موقع لوحدات البحرية الامريكية (المارينز)على حدود كوبا والتى يتواجد فيها 145 سجيناً من 21 دولة مختلفة لأسباب قانونية حيث يقال أن السحالي لها حقوق أكثر من الأنسان هناك .
ولقد أكتشفنا هناك عالماً خيالياً يهيم فيه كل من السجناء والسجانين فى فوضى مفرطة , هذا السجن الذى تعهد الرئيس الاميركي باراك أوباما بأغلاقة عندما تم أنتخابه للرئاسة عام .2008
نحن الأن نعبر معبر "لغوانا" بالقرب من عشرات المخلوقات التى تغفو فى درجة حرارة لا تقل عن 90 درجة مئوية , والتي تجبر جنودنا على التوقف فى حالة رغبة أحدى ال " لغوانا" فى المرور او عبور الطريق حيث ان مخالفة هذا القانون تكلف ما لا يقل عن 10000 دولار امريكي كغرامة .
كلايف ستافورد سميث من مؤسسة "ريبريف" الخيرية للحقوق القانونية والذي كان يمثل السيد عامر لمدة 10 سنوات، يقول أن حيوان "الغوانا" لها حقوق تفوق حقوق السجناء فى هذة المنطقة .
ويقول أيضاً "السيد عامر الذى تم أصدار حكم بأطلاق سراحة ولكنة لايزال معتقلاً داخل هذة السجون ومازال سجيناً داخل هذا الكابوس الذى لا يصحو منه حيث الأجبار على الطعام والتعرض للضرب المبرح أصبح يعد أمراً مألوفاً له , والذي عليه الخضوع لفحص الخصيتين اذا اراد محادثتي فى الهاتف ".
معسكر "أشعة أكس" كما يطلق علية حيث تم التقاط الصور سيئة السمعة للسجناء فى الزي البرتقالي أصبحت الان لا شيء في حالة اذا نظرنا إلى ما نراه اليوم من أسلاك شائكة صدئة وأعشاب غاية فى الأهمال وجرذان عملاقة داخل السجون .
اليوم يعيش السجناء فى المعسكريين الخامس والسادس مع بعض الشخصيات رفيعة المستوى مثل الشيخ خالد محمد الذي أتهم بأنة أحد العقول المدبرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر.
و يعد معتقل غوانتنامو الى الان شوكة تؤلم الرئيس اوباما والذي اتهم معارضيه السياسيين بأحباط ورفض محاولاته بأغلاق هذا المعتقل ونقل السجناء المتهمين بعمليات ارهابية الى سجون أمريكية أخرى .
وقال أحد العاملين في هذه السجون بشكل خاص انة من المتوقع ان تظل هذه المعتقلات مفتوحة لفترة طويلة حتى بعد أنتهاء فترة الرئاسة الحالية للرئيس الامريكيى باراك أوباما والتي تنتهي في الأول من يناير/كانون الثاني عام 2017.
ومن الملاحظ ان القوات هناك قد بدأت في اتقان التلاعب بالالفاظ , فعندما كنت أسأل عن السجناء كان يتم التعليق على كلامي من خلال القادة هناك ان هؤلاء ليسوا سجناء بل انهم معتقلون او محتجزون
وعلى غرار التلاعب بالالفاظ كان يقال ان السجن الفردي هي عملية الخلية الواحدة , وان الانتحار هو إيذاء النفس وان التغذية الاجبارية هى تغذية معوية، والرقابة هى عملية أمنية تقوم على جمع جميع الصور التى تم التقاطها لأخضاعها لمعايير محددة كمثال انة لا يسمح بنشر الصور التي يمكن من خلالها التعرف على أي من هوية المسجون او الحارس داخل السجن .
وقد طلبت من المتحدث الرسمي باسم الجيش تفسيرا لمسحه صورة تم التقاطها من المعدية او المركب النهري الصغير الذي يقلُّ المعتقلين ذهاباً وأياباً فى المياة من مطار خليج غوانتانامو الى القاعدة البحرية فى خليج غوانتانامو والمعروفة بأسم غيتمو .
ولكن المتحدث أجابنى بطريقة رسمية قائلا "انة كما ترى فالصورة توضح بطريقة كبيرة المنطقة والتي من الممكن ان تعطي اي مجموعة تخريبية فكرة عن المنحدارات هنا وعن طرق تحصيناتنا للقيام بأي طريقة لمهاجمتنا".
وعندما قلت لة انني اطلعت على كل هذا فى الليلة السابقة من خلال الاطلاع بمحركات البحث على موقع البحث الجغرافي "غوغل إيرث" اشار برأسة قائلا "يا إلهي"
لقد تم السماح لنا بألتقاط بعض الصور للوافد الجديد الى سجون غونتانامو , انة كلب الحراسة "تيتان" والبالغ من العمر عامين والذي تم جلبة لمساعدة الحراس في عملهم ومحاولة لتخفيف ضغط العمل ل12 ساعة يوميا لمدة 6 ايام اسبوعيا .
وهنالك أضحوكة دارجة فى غوانتنامو تقول ان القوة هنا تنقسم الى ثلاث فئات (الكتل او الرهبان او السكارى)
وهنالك أحد السجانين الذي يتعرض بأستمرار إلى السب واللعن وألقاء المخلفات والبول عليه من خلال السجناء قال " إن هؤلاء مسجونون هنا ولكننا أيضا محتجزون هنا معهم "
وأضاف قائلاً أيضاً " أن أصدقائي يظنون أننى أعمل على جزيرة من جزر الكاريبى لذا من الطبيعي ان أحظى بوقت رائع , ولكن الحقيقة انني أعمل بنفس الأقفاص يومياً"
وقال أخر "أنهم يرددون بصوت عالٍ يكاد يكون صراخاً، مرددين "الموت لأمريكا" وهذة بيئة عمل صعبة غير محتملة
وقال أحد السجانين أيضا " انا افقتد أهلي وصديقتي "
وقال أحدهم ايضا " إنَّ أفضل صديق للأنسان هو الكلب , وملاعبتة هي أفضل ما يمكننا فعله , فكل ما يمكنك ان تقوم به هنا هو العمل وممارسة التمارين الرياضية وشرب الخمر فقط .
الاسبوع السابق تم أتهام حارسين سابقين بالاعتداء الجنسى وأغتصاب أنثى
ورفضت بعض المصادر الطبية أعطاء أرقام ولكنهم أكدوا وجود حالات أكتئاب وقلق وتوتر وضغط وأجهاد على كلا الجانبين من الاسلاك الشائكة سواء بين المعتقليين او السجانين .
أكد قائد فرقة "أوينت" اللواء ريتشارد بتلر انة يتم سحب بعض الافراد من القوات فى حالة تعرف السجناء على اسمائهم الحقيقية كأجراء روتيني أمني.
فبعض هؤلاء المعتقلين يجرون اتصالات ويمكنهم ببساطة في حالة معرفة اسم أحد أفراد القوات ان يحصلوا على معلومات وبيانات شخصية له وهذا يعد خطراً كبيراً ويثير القلق.
واضاف قائلا ايضا " اننا نراقب الحراس عن كثب , وأحيانا نقوم بإقصاء بعضهم من الخدمة ".
أستمر بتلر فى الحديث قائلا انة يبدي جانباً كبيراً من التعاطف مع المعتقلين هنا، ولكنة رفض أيضاً المقابلة الوحيدة المتبقية فى الجولة وهي مقابلتي بالسجين البريطاني الاخير، مستندا الى نصوص اتفاقية جينيف .
ولاحقاً فى المستشفى التابعة للسجن يعرض لنا الدكتور المختص الكرسي الخاص بالتغذية المعوية والتي تصفها الجمعية الامريكية للأطباء بغير الأدمية.
ويقول الطبيب بأستهجان "لقد شعرت بخيبة أمل من هذا البيان الصادر فلقد أتينا الى هنا من منازلنا لنجعل الأمر أدميا وسلميا , وكان أول ما فعتلة حين وصولي هو انني جعلت الممرضة تضع أنبوبا لي وبالفعل لم أصب بأي اذى .
ويقول ايضا " اننى انام جيدا ليلا ولمدة خمس سنوات من الان سيظل هؤلاء المعتقلون على قيد الحياة , لاننى أحرص على ان يظلوا على قيد الحياة "
والان نحن فى طريقنا الى المعسكر رقم 6 حيث يسمح للمعتقلين خلال يومهم بالتواجد فى منطقة مشتركة بينهم حيث يمكنهم تبادل الطعام ومشاهدة التلفاز وقراءة المجلات والكتب بالعديد من اللغات المختلفة منها الباشتو والفارسي أيضا , ويسمح لهم أيضا بممارسة الرياضة فى المكان المخصص لها , وايضا يتم أعطاؤهم محاضرات فى اللغة الاسبانية والانكليزية ودروساً فى العلوم والتاريخ .
وتعتبر كتيبات قصص هاري بوتر وناشيونال جيوغرافي هي الأكثر طلباً , ونحن الأن ننظر لهم من خلف زجاج للرؤية في أتجاة واحد، فلا يمكنهم رؤيتنا او سماعنا .
ولاحظت أيضا احد المعتقلين يسير فى حلقة مغلقة داخل قفصة مستمعاً ومنصتاً إلى السماعة اللاسلكية المعلقة بأذنة والموصلة ب "أي بود"، ولقد قلت للحارس ان هذا السجين يذكرني بالدب الذي رأيتة فى حديقة الحيوان، فهو أيضاً يسير فى محور دائري داخل قفصة بنفس الطريقة , فرد على الحارس قائلاً بالفعل يا سيدتى فأغلب هؤلاء لديهم العديد من المشاكل ولكن هنا يتم التعامل معهم بطريقة أفضل بكثير مما كانوا سيعاملوننا بها فى حالة تبادل الأدوار .
ويقول أيضا ان الطبيب النفسي المعالج للمعتقليين الأناث يقوم بمعالجة الأمراض مثل الأجهاد والأكتئاب بالطرق التقليدية عن طريق الترفية المادي عن السجناء هنا.
ويضيف ايضا " اننا هنا نراعي الشيخوخة والأمراض التقليدية مثل ضغط الدم والسكر والالم والاوجاع .
نحن نتعامل معهم فى العلاج كل واحد على حدة ، فأغلبهم يجيدون الأنكليزية , وفى حالة إحتياج اي واحد منهم الى مضادات الاكتئاب فنحن لا نتردد فى وصفها وأعطائها له .
الباب الثاني داخل فى المعسكر رقم 7 هو المعقتل الذى يسجن فيه عامر والذي يحصل فيه المعتقلون على أقل قدر ممكن من الامتيازات والرعاية حيث يجبرون على أرتداء بدلات برتقالية اللون على عكس المعتقلات الاخرى التي توحد الالوان بها أما باللون الأبيض او اللون الأسود .
ولقد تم أخبارنا ان عددا من المعتقلين مضربون عن الطعام ولكن هذا العدد لم يكن دقيقاً الى حد ما .
وفى رسالة بعث بها عمار مؤخرا الى المحامي الخاص يصف فيها حاله داخل السجن حيث يقول " انني واحد من 35 معتقل مضربين تماما عن الطعام، وأنني أعيش فقط لأموت فالاموات افضل حالا بكثير منا هنا , لانهم يعرفون انهم اموات انما نحن فنعرف اننا احياء، فالسنوات تمر كالشهور والشهور تمر كالأسابيع وشعوري الوحيد هو الوحدة والضياع "
وقال ستافورد سميث انة يجب على هؤلاء المعتقلين الحصول على المزيد من الأمتيازات والرعاية مثل الحصول على الكتب وبعض المواد الاباحية.
وقد نفى المتحدث العسكري كل ما ورد على لسان السجناء قائلا"ان السجناء هنا سيقولون أي شىء حتى يجذبوا الانتباة اليهم وان الحرب على الارهاب الان تحولت الى حرب كلامية ."
ومن الواضح ان رغبة وهدف الرئيس باراك أوباما من اغلاق هذا المعتقل قد أصبحت ابعد واصعب مما بدت علية سابقا
هنالك شيء خيالي فى هذه المنطقة الصغيرة الامريكية المؤجرة اساساً من كوبا عام 1898 كقاعدة بحرية استراتيجية بجانب المعتقل الخاص بالارهابيين الدوليين أمثال عبد الرحيم الناشري الذي تمت أدانته فى التخطيط لتفجير انتحاري بالقاعدة الامريكية باليمن عام 2000 , ومثال أخر للمحتجزين محمد القحطاني الذي أتهم فى احداث الحادي عشر من سبتمبر.
وهنالك بعض المساجين الذين تم الافراج عنهم يتم نقلهم , وقد وافقت أوروغواى على أستقبال خمسة منهم , وهنالك جلسات سيتم عقدها الشهر المقبل لتحديد مصير باقي سجناء هذا المعتقل.
ونحن فى طريقنا للموقع السابق أتحدث مع السائق العسكري الخاص بنا عن غموض السجن رقم 7 فردد قائلاً "سيدتي أنهم على الارجح يقومون ببناء السجن رقم 8 و 9 وأيضا 10 , سيدتى من الواضح اننا سنظل هنا لفترة طويلة قادمة .
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر