آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

أوضح أن هناك أنظمة تحولت إلى شمولية لا وجود فيها لحرمة الأشخاص

بنخطاب يؤكد أن الطوارئ الصحية ساهمت بالتغافل عن مبادئ حقوق الإنسان في المغرب

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - بنخطاب يؤكد أن الطوارئ الصحية ساهمت بالتغافل عن مبادئ حقوق الإنسان في المغرب

فيروس كورونا
الرباط ـ الدار البيضاء اليوم

قال عبد الحميد بنخطاب، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، إن "أهم طارئ حدث مع الجائحة هو تغافل الكثيرين عن مبادئ حقوق الإنسان وفصل السلطات ودولة القانون التي ما فتئوا ينافحون عنها قبل زمن كورونا، بحجة حالة الطوارئ التي تفرضها مكافحة الوباء". وأضاف بنخطاب، أن "القول إن الدولة عليها أن تهتم أولا بالجائحة، ثم الاقتصاد، وأخيرا، إذا أمكن ذلك، بحقوق الإنسان، فيه نظر، لأنه يستبطن دعوة لعودة الدولة القوية الماسكة بزمام الأمور لملء المجالات والفضاءات والفراغات التي هجرتها سابقا أو التي لم تلِجها بعد، وهي دعوة قد يبررها واقع اللايقين الذي أصبحنا نعيش فيه".

وتابع رئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية، في مقاله المعنون بـ "واقع الديمقراطية في عصر المخاطر"، قائلا: "لاحظنا كيف تحولت أنظمة ديمقراطية عريقة إلى أنظمة شمولية رقمية، لا وجود فيها لحرمة الأشخاص ولا لأبسط حقوقهم، بفعل البيغ داتا وتقنيات الرصد التي تشتغل خارج أو على هامش القانون".

نص المقالة كاملا:

تعيش البشرية، منذ ظهور جائحة كوفيد 19، على إيقاع اللايقين والشك في قدرتها على التعامل مع تبعاته العنيفة، مثل المرض والموت والعزلة والوساوس القهرية التي تسكن الكثير من سكان الأرض والخوف من المستقبل ومن فقدان شخص أو شيء عزيز، وهي كلها تجليات لعالم المخاطر، كما توقعه من قبل عالم الاجتماع الألماني أورليش بيك، أو لحاضر يصير فيه اليقين والخوف سائلا، كما توقعه عالم الاجتماع البولندي سيجموند باومان.

ومن سيئات (أو حسنات) هذا الواقع الجديد أنه يعكس انهيار بعض المتلازمات السياسية التي أسست للكثير من المرجعيات والقيم الفكرية والفلسفية التي أطرت القرن العشرين، مثل الحرية والمساواة والعمل والاستهلاك والنمو الاقتصادي...إلخ، حيث فقدت هذه الأخيرة الكثير من قوتها الاقناعية في ظل الجائحة، إذ ما قيمة الحرية في سياق يسوده المرض والفقر والهلاك؟

وما قيمة المساواة أمام وباء لا يٌشفَى منه إلا من توفر له الحظ في ذلك، إما لشبابه أو لمناعته أو لماله أو لسكنه في منطقة أو بلد يتوفر على ما يكفي من إمكانيات العلاج؟ وما قيمة العمل إذا لم يسمح لصاحبه بالتمتع، بما يحققه له راتبه، ببعض مما تمنحه الحياة من ملذات، وإن كانت تافهة، مثل شرب القهوة في مقهى ودعوة أصدقاء أو أهل لمأدبة، أو السفر أو ممارسة الهواية التي يحبها المرء؟

وما قيمة الاستهلاك إذا لم يكن بشكل جماعي وهيستيري يمنح لذة مقارنة الذات بمن يملكون الوسائل التي تؤهلهم لجعل الاستهلاك حرفة، أو على الأقل هواية لهم؟ وما قيمة النمو الاقتصادي إذا كان على حساب صحة مئات الآلاف من المواطنين الذين لا حظ لديهم للتمتع بالحجر الصحي المفروض، أو المعاناة منه كالآخرين؟ ثم ما قيمة النمو الاقتصادي الذي لا يعكس حدا أدنى من التضامن مع من هم خارج دائرته، أي المهمشون والمستضعفون بكل أشكالهم؟

غير أن أهم طارئ حدث مع الجائحة هو تغافل الكثيرين عن مبادئ حقوق الإنسان وفصل السلطات ودولة القانون التي ما فتئوا ينافحون عنها قبل زمن كورونا، بحجة حالة الطوارئ التي تفرضها مكافحة الوباء. وهي حجة، بطبيعة الحال، لا تنقصها القوة ولا يعوزها البرهان، ذلك أن الطلب على خدمات رعاية الدولة يزداد بشكل مهول في زمن الأزمات، ومن ثم لا يجوز الشك في حسن نية الدولة ومؤسساتها للسهر على أمن وصحة ورفاه المواطنين.

وعليه، فإن النقاش حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية في مثل هذا الظرف يعد ترفا فكريا، يمارسه حصريا المثقفون في مكاتبهم المظلمة، لا يمكن قبوله إلا بعد مرور الجائحة وعودة الحياة الاجتماعية والاقتصاد إلى الحالة الطبيعية. متى ذلك؟ لا أحد يملك الجواب، لأنه يبدو أن الجائحة من النوع الذي لا يتزحزح بسهولة في المستقبل القريب.

ومن ثمة، فالقول بأن الدولة عليها أن تهتم أولا بالجائحة، ثم الاقتصاد، وأخيرا، إذا أمكن ذلك، بحقوق الإنسان، فيه نظر، لأنه يستبطن دعوة لعودة الدولة القوية الماسكة بزمام الأمور لملء المجالات والفضاءات والفراغات التي هجرتها سابقا أو التي لم تلِجها بعد، وهي دعوة قد يبررها واقع اللايقين الذي أصبحنا نعيش فيه، حيث لم يعد للأفراد، بعدما تخلوا أو تباعدوا، قسرا أو طواعية، عن جل انتماءاتهم التحت دولتية، إلا اللجوء لهذا الليفياتثان لحمايتهم ولإنارة دروبهم اليومية، التي يقل فيها الضوء بشكل مضطرد.

لكن عودة الليفيانثان إلى عنفوانه من شأنه طرح إشكالية لا نعلم مداها. ماذا لو لم يكن للدولة الوطنية المعاصرة ما يكفي من اليقين والإمكانيات لتلبية الانتظارات المتزايدة لساكنة لم تعد تشعر بالأمان؟ ماذا لو كانت الدولة نفسها، مهما تجبرت، وهي في الواقع كذلك، كذلك، مجرد مؤسسة بشرية لا تملك كل الأجوبة عن كل الأسئلة؟ ألا يشكل ذلك تهديدا لجبروتها وقوتها؟ ماذا لو عكسنا المعادلة وقلنا إن الدولة، بحكم طبيعتها البشرية، لا تستطيع فعل كل شيء والإجابة عن كل الأسئلة؟

ألا يشكل تحذير الأمم المتحدة للدول من خطر تجاهل الدول لحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية في زمن الجائحة أمرا يستحق الوقوف عنده؟ ماذا لو أصبحت الدول تتدخل في حياة مواطنيها بشكل منهجي (عبر تقنيات الرصد والتتبع وتكنولوجيا البيغ داتا) بحجة حمايتهم من الوباء، أو الخطر الداهم، الذي لا أحد يستطيع تقديره غيرها؟

لقد لاحظنا كيف تحولت أنظمة ديمقراطية عريقة إلى أنظمة شمولية رقمية، لا وجود فيها لحرمة الأشخاص ولا لأبسط حقوقهم، بفعل البيغ داتا وتقنيات الرصد التي تشتغل خارج أو على هامش القانون، كل ذلك بفعل الخوف واللايقين ورغبتها المتزايدة في توقع المستقبل.

قد يهمك أيضا :

فيروس "كورونا" يُعطِّل إحياء "الربيع الأمازيغي" لأربعينية "انتفاضة القبايل"

رئيس الحكومة المغربية يجتمع مع قادة الأحزاب الممثلة في البرلمان لمناقشة تداعيات "كورونا"

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنخطاب يؤكد أن الطوارئ الصحية ساهمت بالتغافل عن مبادئ حقوق الإنسان في المغرب بنخطاب يؤكد أن الطوارئ الصحية ساهمت بالتغافل عن مبادئ حقوق الإنسان في المغرب



GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca