آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

نفى تلقيه هدايا عندما كان على رأس حكومة التناوب التوافقي

اليوسفي يكشف أسباب سقوطه في الانتخابات التشريعية المغربية في العام 1963

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - اليوسفي يكشف أسباب سقوطه في الانتخابات التشريعية المغربية في العام 1963

حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
الرباط - المغرب اليوم

قال عبد الرحمن اليوسفي، رئيس وزراء المغرب خلال حكومة التناوب التوافقي "1998 - 2002"، والأمين العام الأسبق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن دوره في تحويل زيارة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر من المغرب إلى الجزائر، كان سببًا في سقوطه خلال الانتخابات التشريعية للعام 1963.

 جاء ذلك في مذكراته الصادرة حديثًا بعنوان "أحاديث في ما جرى" التي استعرض فيها شذرات من سيرته الذاتية، كما رواها لرفيقه في الحزب والمقاومة مبارك بودرقة، الملقب "عباس".

 وتضمنت مذكرات اليوسفي في جزئها الأول، والتي تضمنت 5 فصول، صفحات عن نشوء الحركة الوطنية وجيش التحرير ودورهما معًا في الكفاح من أجل الاستقلال، إضافة إلى تسجيل الإرهاصات الأولى للبناء الديمقراطي وترسيخ حقوق الإنسان، وما واكب ذلك كله، أحياناً، من صراعات بين السلطة والأحزاب خلال ما سُمي "سنوات الرصاص"، قبل وصول المعارضة إلى الحكم.

انخرط اليوسفي مبكرًا في مواجهة تحديات الحياة وهو تلميذ صغير، في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي فقد انتقل وحيدًا من مدينة طنجة، مسقط رأسه في شمال المملكة، إلى مدينة مراكش في جنوبها، لمواصلة دراسته في المرحلة الثانوية، بعد أن تم رفض طلب حصوله على منحة تؤهله للالتحاق بثانوية مولاي يوسف بالرباط. وقبل بداية الرحلة، كان عليه اجتياز العديد من العراقيل الإدارية، كالحصول على جواز السفر، وطلب التأشيرة من القنصلية الإسبانية لعبور المنطقة الشمالية الخاضعة للنفوذ الإسباني، ثم الحصول على تأشيرة ثانية من القنصلية العامة الفرنسية لعبور المناطق الجنوبية الرازحة تحت الحماية الفرنسية.

يقول إن شعورًا بالإهانة كان ينتابه وهو يخضع للمراقبة والتفتيش بصفة متكررة، من طرف أجانب وبطريقة سلطوية، ما دفعه إلى طرح العديد من الأسئلة حول تقسيم التراب الوطني بين قوتين أجنبيتين، وحول المضايقات التي كانت تعترض تنقله لغرض إتمام دراسته الثانوية في بلده المغرب. لكن لم يسعفه سنه آنذاك للإجابة عن كل تلك الأسئلة، إلا أن ذلك أسهم في تنامي وعيه حول الاستعمار، وعرقلة حرية التنقل، والحق في التمدرس، وأخيراً الحق في المقاومة، بدءاً بالاستنكار والاحتجاج.

و نسج اليوسفي علاقة صداقة مع العديد من الطلاب في مراكش، وأسهم في تنظيم أول إضراب في الثانوية، احتجاجاً على قرار ظالم صادر عن المراقب العام، الذي أراد أن يعاقب جميع التلاميذ بدعوى أن أحدهم بصق على قطعة من الخبز، وقد وقفوا جميعاً محتجين ضد هذه العقوبة، "مؤكدين أنه لن يتجرأ أي مغربي أن يبصق على قطعة من الخبز، وهذا أمر مترسخ في تقاليدنا وثقافتنا".

و اتضح أن المشكل يتعلق بقطعة صغيرة من الملح لم يتم ذوبانها كلية داخل العجينة، فطفت على سطح الخبز وبدت كأنها بصقة.

وذكر اليوسفي بعض الزملاء في تلك الفترة، على سبيل المثال لا الحصر:"الطيبي بنهيمة الذي سيصبح وزيرًا للخارجية، ومحمد الشياظمي الذي أصبح أمينًا عامًا للبرلمان، ومحمد بوستة الأمين العام الأسبق لحزب الاستقلال، ووزير خارجية المغرب الأسبق، الذي كان يتقاسم معه طاولة الدراسة في السنة الأولى، قبل أن يفترقا في السنة الثانية، غير أنهما سيلتقيان لاحقًا "حول ملفات وطنية ولحظات تاريخية"، كان أبرزها ميلاد الكتلة الديمقراطية في بداية التسعينات من القرن الماضي.

مرحلة الاستقطاب السياسي

وعاد اليوسفي إلى الرباط لإتمام دراسته بثانوية مولاي يوسف، وللتحضير لنيل شهادة البكالوريا (الثانوية العامة)، كان المهدي بنبركة في تلك الفترة أحد الأطر الشابة للحركة الوطنية، وكان أستاذًا للرياضيات بثانوية "غورو"، كما كان أستاذًا لنفس المادة بالمدرسة المولوية (الأميرية)، التي كان الأمير مولاي الحسن (ولي العهد آنذاك) وأصدقاؤه من تلاميذها.

وسوف يجد اليوسفي نفسه في تلك المرحلة منجذبًا نحو الاستقطاب السياسي الذي كان يقوده بنبركة، كممثل للقيادة الجديدة للحركة الوطنية، وقد كان يحث الجيل الصاعد على الانخراط في العمل السياسي والنضال من أجل التحرر والانعتاق. وقد توجت هذه المرحلة بأداء اليوسفي ورفاقه في ثانوية مولاي يوسف اليمين على المصحف الكريم في شهر ديسمبر (كانون الأول) 1943 كإعلان عن انضمامهم لحزب الاستقلال.

وبعد مرور شهر على ذلك القسم، تم الإعلان على تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 من يناير (كانون الثاني) 1944، و"كان القسم ينص على الوفاء للدين وللوطن وللملك، وعلى الاحتفاظ بأسرار الحزب وعدم كشف تنظيماته". غير أن إقدام سلطات الاستعمار الفرنسي على اعتقال قيادة حزب الاستقلال سوف يفجر الأوضاع، بخروج ساكنة الرباط في مظاهرات حاشدة بساحة المشور أمام القصر الملكي، سرعان ما انضم إليها تلاميذ ثانوية مولاي يوسف، وضمنهم اليوسفي، لكنهم وجدوا أنفسهم في موقف جد حرج بعد أن أغلقت داخلية ثانوية مولاي يوسف أبوابها في وجوههم.

ولأن المهدي بنبركة كان يتابع الوضع من بعيد، فقد تدخل لدى بعض قادة الحركة الوطنية، الذين كلفهم بمرافقة التلاميذ لدى العائلات الرباطية قصد إيوائهم لعدة أيام. وفي خضم تلك التفاعلات، أصيب اليوسفي، كما يحكي في كتابه، بداء الجرب، وكانت آثاره بادية على يديه، فتوجه إلى المحجز، ليفاجأ بوجود نفسه داخل مأوى مليء بالعديد من الحيوانات الهزيلة والمريضة. وما إن عرض حالته على إدارة المحجز، ومن دون أي فحص أو سؤال، حتى طلب منه نزع ملابسه، وبدأت عملية رش جسده بمادة كريهة الرائحة وشديدة الألم، بمجرد ملامستها لجسمه، وفهم فيما بعد أنها نفس المادة التي تُرش بها الحيوانات المصابة بالجرب.

حكاية الطربوش والإنزال الأميركي

و يحفل كتاب اليوسفي بقصص منها  أنه منذ مغادرته مدينة طنجة لمتابعة الدراسة في مراكش والرباط، بقي متمسكًا باللباس التقليدي، أي الجلباب والطربوش، مشيرًا إلى أن حادثة عرضية دفعته إلى التخلي نهائياً عنهما منذ سنة 1944، ولم يرتدِهما منذ تلك الفترة سوى لأسباب بروتوكولية سنة 1998، بعد أن عُين وزيراً أول على رأس حكومة التناوب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.

وأكد في تفاصيل الحادثة العرضية التي أجبرته على التخلي عن الجلباب والطربوش، أنه كان راكبًا على متن دراجة هوائية في أحد شوارع مدينة الدار البيضاء، ومرت بقربه سيارة عسكرية (جيب) على متنها جنود من البحرية الملكية (المارينز)، فانتزع أحدهم الطربوش من فوق رأسه وانطلقوا مقهقهين. وعندما حاول شراء طربوش آخر، اكتشف أن ثمنه يعادل الراتب الشهري الذي كان يتقاضاه كمعلم، فقرر التخلي عنه وعن الجلباب معاً.

ورغم مرور العديد من الأعوام على هذه الحادثة العرضية فقد ظلت عالقة بذهنه، ويحكي أنه عندما استقبل وزير الدفاع الأميركي وليم كوهن، بصفته وزيراً أول (رئيس وزراء)، تذكر حكاية الطربوش، فرواها للوزير كوهن، وخاطبه مازحاً "بما أنك وزير للدفاع والمسؤول الأول عن الجيش الأميركي، فإنك مدين لي بالطربوش الذي انتزعه مني أحد جنودكم المارينز سنة 1944". فرد المسؤول الأميركي على هذه الدعابة بالقول "أعترف لكم باسم الجيش الأميركي بهذا الدين، وسنعمل على تسديده". وبالفعل فقد حصل اليوسفي بعد مضيّ أسابيع على قبعة أميرال للجيش الأميركي، "كانت جميلة" حسب وصفه، لكنها لم تعوض له "بهاء القيمة المعنوية لذلك الطربوش المفقود".
كأس العرش لكرة القدم

وبالإضافة إلى المقاومة، لا ينسى اليوسفي في شذراته أن يذكّر بدوره في إنشاء عدد من الجمعيات والمنظمات لتأطير الشباب في مجالات متعددة، كالمسرح والكشفية والرياضة، إذ أسهم في تأسيس فريق الاتحاد البيضاوي لكرة القدم بالحي المحمدي، الذي ما زال يمارس نشاطه حتى الآن بمدينة الدار البيضاء. وكان اليوسفي قد انتُخب آنذاك كأول كاتب عام للعصبة المغربية لكرة القدم، التي قامت بتنظيم أول دوري لكأس العرش في كرة القدم بتاريخ 18 نوفمبر /تشرين الثاني 1946، وذلك بمشاركة العديد من الفرق البيضاوية.

وفي الحي المحمدي، يتذكر اليوسفي أيضًا كيف جاءت فكرة نقل أموات المسلمين في سيارة بيضاء، مكتوب عليها عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وقال إن أحد المناضلين كانت لديه ورشة لإصلاح السيارات، وهو من تكلف بإخراج أول سيارة لنقل الموتى.

و يتمتع اليوسفي من شعبية، ولكنخ لم يترشح للانتخابات سوى مرة واحدة، وكان ذلك سنة 1963، حين اختارته الأمانة العامة لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية للترشيح بمدينة طنجة. واعتبر أن نتيجة الانتخاب تم تغييرها لصالح منافسه، عقاباً له على ما سماه التدخل الذي قام به في الجزائر في نهاية شهر مايو /أيار 1963 لتحويل مسار رحلة الرئيس المصري جمال عبد الناصر إلى الجزائر بدل المغرب. 

و اعترف اليوسفي بذلك، وقال إنه أوعز إلى الرئيس الجزائري آنذاك أحمد بن بلة بأن يتصل بعبد الناصر، الذي كان يستعد لزيارة المملكة في وقت كانت تتهيأ فيه للانتخابات التشريعية، وذلك حتى لا تستغلها الحكومة للتغطية على حملات الاعتقالات في صفوف أحزاب المعارضة.

اتصل بن بلة بعبد الناصر وفاتحه في الموضوع، فرد عليه قائلًا بأنه يوجد على متن الباخرة التي غادرت المياه المصرية متوجهة إلى المملكة المغربية، فطلب منه تحويل الرحلة نحو الجزائر، حديثة العهد بالاستقلال، لكونه زار المغرب سنة 1961، وهذا ما تم بالفعل.

وحين ظهرت نتائج الانتخابات التشريعية، أُعلن عن فوز جميع أعضاء الأمانة العامة لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ما عدا اليوسفي، ومنذ ذلك الحين قرر ألا يُكرر التجربة على الإطلاق، وهو الوعد الذي التزم به إلى الآن.

استغل اليوسفي مذكراته لينفي عن نفسه ما راج في بعض وسائل الإعلام من كونه تلقى هدايا عندما كان على رأس حكومة التناوب التوافقي (1998 - 2002). وفي هذا الصدد أكد أن أخباراً راجت في بعض الصحف، تزعم أنه حصل على مبلغ مالي خيالي كتعويض من هيئة الإنصاف والمصالحة، إضافة إلى أخبار مماثلة ادّعت أنه حصل على هدايا عينية في شكل ضيعات بمناطق مختلفة في المغرب، متسائلاً عن "غايات وتهافت من يطلقون أخباراً مزيفة مماثلة".

وسجل اليوسفي بتقدير موقف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالمغرب، الذي بادر إلى إصدار بيان ينفي فيه أن يكون قد طالب أصلاً بتعويض من هيئة الإنصاف والمصالحة، وكذا خبر تعويضه بمليار سنتيم.

وذكّر بأن صحيفة حزبه "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" نشرت له سابقاً تصريحات موثقة، أوضح خلالها أنه لم يحصل على أي هدايا من الدولة المغربية، سوى هديتين من الملك الراحل الحسن الثاني، والملك محمد السادس، هما عبارة عن ساعتي يد.

مشدداً على أنه كان يرفض دائماً الحصول على أي تعويضات غير مبررة قانونياً في أثناء ممارسة مهامه الحكومية، وأعلن أنه اتخذ قراراً إرادياً، لم يلزم به باقي الوزراء، "هو أنني كنت دوماً أحيل تعويضات مهامي بالخارج إلى صندوق التضامن مع العالم القروي".

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوسفي يكشف أسباب سقوطه في الانتخابات التشريعية المغربية في العام 1963 اليوسفي يكشف أسباب سقوطه في الانتخابات التشريعية المغربية في العام 1963



GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء

GMT 14:11 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمعية خيرية تنظيم حملة للتبرع بالدم في تاوريرت

GMT 09:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيقاف وسيط في تجارة الممنوعات بالقصر الكبير

GMT 04:03 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب تربوي جديد للدكتور جميل حمداوي

GMT 13:41 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ليلى أحمد زاهر تهنئ هبة مجدي بخطوبتها
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca