في خطوة تحمل الكثير من الدلالات القوية، استكمل المغرب على مستوى التشريع سيادته القانونية الكاملة على مجاله البحري وأراضيه من طنجة إلى الكويرة، وهو ما من شأنه أن يقطع كافة المداخل التي كانت تسلكها جبهة "البوليساريو" الانفصالية لشن معارك دبلوماسية وقضائية فارغة ضد مصالح المملكة الإستراتيجية.
وصادقت لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب، مساء الإثنين، بالإجماع، على مشروعي قانونين يهدفان إلى بسط الولاية القانونية للمملكة المغربية على كافة مجالاتها البحرية.
وكانت حكومة العثماني في يوليوز 2017، من خلال مشروع قانون، أدرجت المجالات البحرية قبالة سواحل الصحراء المغربية بشكل صريح في المنظومة القانونية المغربية، مؤكدة بذلك تثبيت الولاية القانونية عليها للوقوف في وجه خصوم المغرب الذين يشككون في كون هذه المناطق تابعة للمملكة.
ويأتي استكمال المسطرة التشريعية لسد الفراغ التشريعي الذي يسم المنظومة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية، وملاءمتها مع سيادة المغرب الداخلية، الكاملة المكتملة، على كل أراضيه ومياهه من طنجة إلى الكويرة.
موضوع ترسيم المياه الإقليمية سبق أن أثار جدلا بين المملكتين المغربية والإسبانية، إذ سبق أن احتجت الرباط عندما بادرت مدريد سنة 2015 وبشكل أحادي إلى وضع طلب لدى منظمة الأمم المتحدة لترسيم مياهها الإقليمية؛ وهو ما اعتبره المغرب حينئذ استفزازاً واضحاً واستعماراً جديداً لسواحله، واضطرت إسبانيا حينها إلى التراجع وتأكيدها استعدادها للتفاوض مستقبلاً حول عملية توسيع المياه الإقليمية لجزر الكناري قبالة سواحل الصحراء بعد الحل النهائي لنزاع القضية الوطنية.
ويبدو أن كل الخلافات مع الجيران، خصوصا إسبانيا وموريتانيا، تم تجاوزها، إذ أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن هذا الوضوح القانوني من شأنه أن "يشكل، لا محالة أرضية تفاوضية صلبة لأي تسوية أو اتفاق قد يتم بهذا الخصوص مع الدول التي لها شواطئ متاخمة أو مقابلة لبلادنا"، وأضاف أن "القيام بهذا العمل التشريعي السيادي لا يعني عدم انفتاح المغرب على حل أي نزاع حول التحديد الدقيق لمجالاته البحرية مع الجارتين إسبانيا وموريتانيا، في إطار الحوار البناء والشراكة الإيجابية".
وأوضح بوريطة أن "المغرب لا يفرض الأمر الواقع أو منغلق على كل من موريتانيا وإسبانيا، بل يمكنه حل جميع الخلافات في حالة طرحها في إطار العلاقات الممتازة والشراكات البناءة مع الدولتين الجارتين".
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في عرض قدمه أمام اللجنة البرلمانية، أوضح أن هناك مجموعة من المحددات وراء إعداد وعرض هذه المشاريع في هذه الظرفية بالذات، وهي محددات متداخلة ومتقاطعة، منها السياسي والقانوني والاقتصادي وكذا الإجرائي - التقني، مشددا على أن عمقها يبقى حرص المغرب على حماية وصون مصالحه العليا، على مستوى ترابه، كما على المستوى الجيو سياسي للمنطقة.
وتابع المسؤول ذاته بأن هذا الأمر "يعتبر بمثابة خيار إستراتيجي وسيادي بالدرجة الأولى، ينبني على حقوق المغرب المشروعة، ويستند إلى مرتكزات قانونية وجيهة، عملا بدبلوماسية الوضوح والطموح التي يريدها جلالة الملك محمد السادس"؛ كما أبرز أن تفعيل المسطرة التشريعية بخصوص المشاريع سالفة الذكر يأتي غداة الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء، الذي شدد فيه الملك محمد السادس على ضرورة استيعاب كافة المجال الترابي للمملكة، وزاد: "نبه الخطاب الملكي إلى أن المسيرة الخضراء مكنت من استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية..ومنذ ذلك الوقت، تغيرت خريطة المغرب، ولم نستوعب أن الرباط صارت في أقصى الشمال، وأكادير هي الوسط الحقيقي للبلاد".
ويتعلق الأمر بكل من مشروع قانون رقم 37.17 بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.211 الصادر في 26 من محرم 1393 (2 مارس 1973)، المعينة بموجبه حدود المياه الإقليمية، ومشروع قانون رقم 38.17 بتغيير وتتميم القانون رقم 1.81 المنشأة بموجبه منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية.
وسجل وزير الخارجية أن الظهير بمثابة قانون رقم 211.73.1 تعين بموجبه حدود المياه الإقليمية يعتبر بمثابة الأساس القانوني الذي انبنى عليه اعتماد المرسوم رقم 311.75.2 لسنة 1973، المحددة بموجبه خطوط انسداد الخلجان على الشواطئ المغربية والإحداثيات الجغرافية لحدود المياه الإقليمية المغربية ومنطقة الصيد الخاصة، مضيفا أنه تم استتباعا لذلك تحيين هذا المرسوم بدوره ضمن المراجعة الشاملة للمنظومة ككل، من خلال إدراج المعطيات العلمية والجغرافية المتعلقة بـ"الخط الأساس" للمناطق البحرية ما وراء "الرأس الأيوبي" بطرفاية إلى سواحل المحيط الأطلسي على طول الأقاليم الجنوبية للمملكة.
قد يهمك ايضا :
ملك المغرب يترأس مجلسًا وزاريًا بقصره في الرباط
الملك محمد السادس يُؤكِّد أنَّ العدالة مفتاح مُهمٌّ في مجال تحسين مناخ الأعمال وحماية المقاولات
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر