آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

عن Best-seller عربي : الروايات العربية في قاع ترتيب المبيعات

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - عن Best-seller عربي : الروايات العربية في قاع ترتيب المبيعات

الرباط - وكالات

القضية الأهم التي شغلت بال النقاد، ومجلات الأدب العالمية، في الأشهر الماضية، هي أسباب نجاح رواية «خمسون ظلا لغراي» للكاتبة البريطانية E L James، 50 سنة، فبالكاد صدقنا أن الأدب العالمي قد تخلص من احتكار البريطانيين وسيطرتهم عليه وعلى مخيال الشباب وطبقات القراء «سريعي الاستهلاك»، بنهاية سلسلة روايات «هاري بوتر» عام 2011، حتى برز اسم جديد وثلاثية روائية جديدة، بيع منها في أقل من سنة 40 مليون نسخة عبر العالم. رقم مبيعات «مستفز» مثير للإعجاب وللتساؤل في آن، رافقه حضور واسع ومفاجئ لكاتبة توحي ملامحها بالقلق وابتذال الظهور بلوك أدبي، كانت قبل سنتين اسم نكرة في أوساط النشر والأدب، على الصفحات الأولى من المجلات المختصة والبرامج الأدبية التلفزيونية المعروفة، ووجدتني على غرار الملايين، من ضحايا الماركيتينغ الغربي، والرأسمالية الثقافية، أشتري الرواية (رغم حساسيتي المفرطة تجاه ما يسمى بروايات best-seller، وعدم ثقتي بها)، تصفحها في قراءة ماراطونية (550 صفحة من القطع المتوسط)، وأتابع تطورات العلاقة بين شخصيتي أناستازيا (طالبة جامعية سمراء، 21 سنة) وكريستيان غراي (ملياردير، مناجير شركة عالمية، 27 سنة)، وقصة الحب الضبابية التي نشأت بينهما، والتي انطلقت صدفة، لما نابت أناستازيا عن رفيقتها كاترين لإجراء حوار مع الشاب الغني، لصالح مجلة الكلية، ليتحول اللقاء العابر إلى علاقة مضطربة بعدما اكتشفت بطلة الرواية الميول السادية - المازوشية لعشيقها، وتجد نفسها في الأخير مخيرة بين مواصلة الطريق أو الالتزام بشخصيتها، الخاضعة لتأثيرات تنشئة اجتماعية بروستانتية محافظة. على مستوى الأسلوب، نلاحظ خطية في السرد، وتماديا في الوصف، كما لو أن المؤلفة توجه نصها للاقتباس السينمائي، وليس للتجريب الأدبي، كما يطغى على فصوله حواريات مطولة، مع تكرار أحيانا في تدقيق ملامح الفضاء نفسه، وتعتيم على البنية البسيكولوجية للشخصيات، وغياب الجانبين البحثي والمعرفي، فهي تختصر مدينة سياتل الأمريكية مثلا، حيث تدور وقائع الرواية، في كلمات وحواريات الشخصيات، ومن البداية نلاحظ اهتمام الروائية بإقناع القارئ بواقعية قصتها، أكثر من اهتمامها بالاشتغال على اللغة والأسلوب، كما يشد انتباه القارئ الانتقالات السريعة، في بعض المقاطع، للأحداث، مما أفقد الرواية نفسها طابع السوسبانس، وحرمها من تحريك فضول القارئ وفتح المجال أمامه لطرح أسئلة، فهي لا تدع للقارئ مجالا للتفكير أو الشك أو التنبؤ بتطور الأحداث، ولا تمنحه حق اقتراح سيناريوهات موازية، كما لو أن الروائية تكتب لإمتاع نفسها وليس لإمتاع غيرها، مع ذلك، فإن العامل الذي لعب لصالحها هو إدراكها وتعمقها النسبي في سرد واقع العلاقات العاطفية - الجنسية - الشبابية، وتماديها في وصف حالات سادية - مازوشية، إضافة إلى الطابع الانساني للقصة، التي يمكن إسقاطها على أكثر من بيئة، ثم عدم انحيازها لأي من بطلي الرواية، مما جعل رواية «خمسون ظلا لغراي» نصا صداميا بين الرغبة والمحافظة في مجتمع أمريكي معاصر لا تعكس صورته الخارجية واقعه من الداخل.. العناصر التي ذكرناها ليست وحدها كفيلة لتجعل من رواية عادية Best-seller فنحن لسنا في حالة مشابهة لأمبرتو إيكو، حيث تجتمع في الرواية الواحدة عناصر ثلاثة «الحكي، المعرفة والسوسبانس»، ولا أمام حساسية أمريكو-لاتينية حيث يتقاطع التاريخ والواقعية لتحريك النص، في رواية ل. جيمس لا نلتمس شيئا جديدا في كتابة الرواية، ولا محاولة جادة لكسر «المتداول»، وفي وقت تميل فيه الروايات الجديدة إلى تقديم نصوص صغيرة ومكثفة (بسبب انسحاب القارئ الحالي للتكنولوجيا الحديثة وعزوفه عن قراءة الكتب الضخمة) تحدت الكاتبة البريطانية منطق السوق وأصدرت الجزء الأول من روايتها في 550 صفحة، فعاملي التكرار وإطالة بعض الحواريات كان واضحا، إلا أنها في الأخير كسبت الرهان وتحولت روايتها إلى «ظاهرة أدبية» وحققت أرقام مبيعات عجز عن تحقيقها مشاهير الأدب، من هنا يبدأ السؤال عن آليات صناعة الأدب والترويج للرواية، وكيف نجح الغرب وفشل العرب في التسويق لأنفسهم؟ الجوائز الأدبية هي واحدة من وسائل الترويج للكتاب، فالرواية البريطانية تكاد تلتصق باسم جائزة البوكر (أنشأت عام 1968)، وغالبية المتوجين بالجائزة نفسها وجدوا طريق العالمية معبدا أمامهم، بعضهم نال البوكر تمهيدا لمنحه نوبل للأدب، مثل نادين غوردايمر (1991) وجان ماكسويل كويتزي (2003)، واقتبس الروس كونسابت الجائزة (1992)، وردوا الاعتبار لأدبهم الذي تأثرت سمعته كثيرا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، ولما اقتبست الجائزة نفسها عربيا، تحولت من حلم إلى وهم، فالمصداقية هي عامل رئيسي في منح جائزة ما أهميتها، أو الإنقاص من قيمتها وقيمة المتوج بها، فلما نعلم أن جائزة غونكور الفرنسية الشهيرة لا تتعدى قيمتها المالية (9 أورو)، والبوكر العربية (50,000 دولار)، وتبيع الرواية الفائزة بالجائزة الأولى ما لايقل عن 100,000 نسخة، بينما لا يتعدى سحب نسخ رواية الجائزة الثانية عتبة 10,000 نسخة ندرك أن أهمية جائزة أدبية ليست في قيمتها المالية بل في استراتيجية عملها ومنطقها في ضمان ترويج واسع للحائز عليها، فبمنطق البوكر العربية الحالي لن يبلغ العرب مستوى best-seller، وستظل الروايات العربية في قاع ترتيب المبيعات، مقارنة بكتب الطبخ والشعوذة، رغم ما ينقق على جوائز وروائيين عرب من ملايين، يحسدهم عليها نظرائهم في الغرب، كما إن محاولات ترجمة نصوص عربية إلى لغات أجنبية (خصوصا منها الإنجليزية، الفرنسية والإيطالية) لم تحمل نتائجا إيجابية، ولم تجد لها صدى لدى القارئ الغربي، بسبب انغماس الرواية العربية في المحلية، تركيزها على المواضيع الكبرى وانعزالها عن الحياة العادية للناس، ثم ابتعادها عن المفاهيم الانسانية، وغالبية كتب العرب الذين نجحوا في لفت انتباه القارئ الغربي، هم كتاب يكتبون مباشرة باللغات الأجنبية، متشبعين بثقافة وتقاليد الدول التي يعيشون فيها، مثل جمال محجوب وأهداف سويف (بريطانيا) أو آسيا جبار وأمين معلوف (فرنسا)، كما إن ارتجالية النشر، والفجوة التي تفصل بين الناشر والمتلقي، وعدم فهمه لاحتياجات المرحلة، يساهم في صدور كتب تمر مرور الكرام، لا تنفع معها لا حملات التشهير والترويج ولا محاولات التسويق والتوزيع المجاني، يضاف إليها المنطق التجاري في دور نشر عربية، تبحث عن كسب السريع، مع أقل جهد ممكن، هي عوامل ساعدت على تراجع مكانة الكتاب الأدبي العربي في السوق المحلي والأجنبي، وجعلت كتابا عربا يتفاخرون ببيع 500 و1000 نسخة، في وقت يبيع فيه نظرائهم في الغرب مائة مرة ضعف ما يبيعون..

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن bestseller عربي  الروايات العربية في قاع ترتيب المبيعات عن bestseller عربي  الروايات العربية في قاع ترتيب المبيعات



GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 03:11 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

السلطات الإسبانية تطلق النار على مغربي هتف "الله أكبر"

GMT 14:17 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

أفكار مميزة لتزيين مدخل منزلك ومنحه "الحياة"

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أصالة نصري تعود إلى لبنان مجددًا بلا شروط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

عطور "أنفاس" تعزز الشعور بالسعادة

GMT 15:11 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

مالك الجزيري يتقدم في بطولة كيو غينج الصينية

GMT 00:22 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

عطور "مارك جاكوبس" لإطلالة ساحرة برائحة الفواكه

GMT 12:49 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

أزياء "دولتشي آند غابانا" لخريف 2018 للرجل العصري بامتياز
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca