دمشق - سانا
"الآثار والمواقع الأثرية في منطقة الجولان" للباحث جورج عيسى كتاب يتضمن قراءة تاريخية منهجية لمنطقة الجولان السوري بما فيها الجزء المحتل وهي المنطقة التي تقوم عليها محافظة القنيطرة في جنوب غرب سورية.
ويوضح الكاتب أن سورية اتخذت بحكم موقعها الجغرافي الذي يتوسط قارات آسيا وأوروبا وافريقيا أهمية إستراتيجية فتعاقبت على أرضها حضارات عدة خلفت آثارها في كل بقعة من بقاعها بما فيها الجولان الذي هو في القلب منها حيث كان ملتقى تلك الحضارات التي عاش بعضها على أرضه وكان معبرا لبعضها الآخر وممرا للأقوام المتصارعة التي تطمع في استيطان بلاد الشام وللجيوش المتناحرة من أجل إخضاع الممالك والدويلات التي عرفتها المنطقة.
وحسب الكتاب تميز الجولان بعراقته البشرية والتاريخية منذ أقدم العصور كما أنه غني بمواقعه الأثرية مشيرا إلى أن آثار الجولان تميزت بتنوعها وتواصلها عبر التاريخ حيث غطت كل العصور التاريخية ثم بدأت تظهر مكتشفات جديدة تجعل هذه المنطقة من أهم المناطق التاريخية.
وبين الكتاب أنه أمت سورية في العصر الحديث ولأول مرة بعثات أجنبية فرنسية وإنكليزية وألمانية للتنقيب في بعض المواقع الأثرية وذلك في أواخر القرن التاسع عشر كان منها ذلك المسح الأثري لمنطقة الجولان الذي قام به المهندس الألماني غوتليب شوماخر لصالح الجمعية الألمانية لاستكشاف الأرض المقدسة عام 1883 وفي البحث فان أعمال التنقيب نشطت بعد الحرب العالمية الأولى في عدد من المناطق السورية وخاصة بعد الاستقلال .
ويؤكد الباحث أن كل التنقيبات التي حصلت في ظل الاحتلال الصهيوني "كانت بعيدة عن نزاهة البحث العلمي لتأثرها بالمدرسة التوراتية الهادفة إلى تأييد الأفكار العنصرية والسياسية المغلوطة حول الحق التاريخي لليهود" كما حصل في كثير من المناطق الفلسطينية ورغم المحاولات الضالة إلا أن التنقيب الأثري أكد وجود الممالك الكنعانية في فلسطين المحتلة وفي المناطق المجاورة لها مثل تل الحصن "بيت شان-تل القداح-حاصور شمال- بحيرة الحولة" وهي ممالك أقامها العموريون الكنعانيون وهذا ما ورد في التاريخ إبان نشوء المدن منذ نهاية الألف الثالثة ومطلع الألف الثانية قبل الميلاد في المنطقة السورية الفلسطينية وأظهر البحث أن أهم الممالك والدويلات في الجولان وما حولها هي مملكة حاصور في الجنوب الغربي من بانياس وفيها معابد ومنحوتات تشهد على رقي العمارة والنحت ومملكة كوميدي في البقاع الجنوبي وهي منطقة دمشق والجولان وحوران تقريبا ومن أهم اثارها القصور والمعابد والتحف الفنية ومملكة يانوعما وهي مملكة قوية كان الحثيون فيها وعاصمتها كركميش شمال سورية وهي جرابلس الآن ومملكة دمشق التي كانت حدودها متطابقة مع حدود إقليم أوبي في عصر البرونز الأخير حيث توقف تخمها إلى الجنوب عند الحدود السفلى للجولان.
ويكشف الكاتب أن الآراميين تواجدوا في بلاد ما بين النهرين وهي بلاد الشام في الألف الثاني قبل الميلاد على شكل قبائل بدو انتقلوا إلى حياة الاستقرار والتحضر بعد أن اقتبسوا الكثير من العموريين والكنعانيين ومن الحضارات التي جاوروها مع الاحتفاظ بلغتهم ولهجتهم وتابع البحث انه نتيجة التوغل في أطراف البلاد قاموا بإنشاء دول وممالك مثل مملكة دمشق وحماة وكانت أغلب التسميات الآرامية تبدأ باسم الدولة مثل آرام حماة وآرام دمشق ومن أهم دويلاتهم في الجولان في القرن الثاني عشر عام 600 قبل الميلاد مملكة جيشور ومملكة دمشق وبيت معكة المتاخمة للجولان من الشمال وبيت رحوب المتاخمة للجولان من الجنوب.
وفي الكتاب قرأ الباحث كثيرا من تحولات المنطقة بعد انهيار الممالك الآرامية وظهور الأنباط في عصر السلوقيين والمرحلة الرومانية وأظهر خطورة التنقيبات الأثرية الصهيونية في الجولان المحتل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر