آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

دراسات تاريخية حول العلاقات المغربية الإسبانية

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - دراسات تاريخية حول العلاقات المغربية الإسبانية

الرباط - وكالات

لا يمكن الحديث عن تحولات ماضي منطقة الشمال وراهنها المتغير في سياق تغير العلاقات الدولية، بدون استحضار مختلف أوجه العلاقات مع الجار الإيبيري بالضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط. ولا يمكن فهم الميكانيزمات المتحكمة فيواقع المنطقة المذكورة بدون استحضار مختلف أوجه التفاعل والتأثيرات المتبادلة بين كل من إسبانيا والمغرب، على المستويات التاريخية والاجتماعية والسياسية والثقافية. لذلك أصبحت إسبانيا موضوعا متجددا لدى باحثي المغرب المعاصر، وأضحت تمارس جاذبية كبرى لدى قطاعات عريضة من باحثي منطقة الشمال، ليس فقط بالنظر إلى أهمية التأثيرات المترتبة عن الحقبة الاستعمارية، ولكن بالنظر – أساسا – إلى حجم الحضور الإسباني الرمزي في الذاكرة الجماعية لساكنة الشمال، وعمق التأثيرات الثقافية الأندلسية باعتبارها أحد الروافد الأساسية للهوية المغربية المعاصرة، وبالنظر – ثالثا – إلى حجم التفاعل اليومي للمشاكل الآنية المرتبطة بمشاكل القرن 20 وبتبعاته على علاقاتنا المشتركة. وتزداد هذه الملاحظة وضوحا إذا أخذنا بعين الاعتبار عمق التأثيرات التاريخية التي لازالت تتحكم في مجمل رؤانا تجاه جيراننا الإسبان، وفي مواقف الإسبان تجاه مشاكلنا الراهنة، وهي المواقف التي ترخي بظلالها على ميكانيزمات التأثير في الرأي العام الإسباني تجاه ملفات المغرب الملتهبة وتجاه مختلف القرارات الإسبانية الرسمية بخصوص هذه الملفات، مثلما هو الحال مع قضايا الهجرة والصيد البحري والصحراء المغربية وحقوق الإنسان وحرب الغازات السامة بالريف خلال عشرينيات القرن 20 ومشاركة المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية... وعلى أساس ذلك، أصبحت ساحة النشر الإسباني تحفل بتواتر صدور الأعمال التحليلية ذات الصلة بواقع المغرب وبتأثيرات «وجوده الأندلسي» على مصير تشكل الأمة الإسبانية، وامتداد ذلك إلى التهديدات التي ظل يحملها هذا «الجار المقلق»، حسب التعبيرات الأثيرة لبعض الإعلاميين الإسبان المعاصرين. ونكاد نجزم بأنه لم يحقق أي موضوع «خارجي» لإسبانيا مستوى الاستقطاب والاهتمام الذي حققته قضايا المغرب المعاصر، وتأثيراتها التاريخية على سياقات تشكل الدولة والمجتمع الإسبانيين خلال القرون الماضية، والأمثلة على ذلك دالة ومعبرة، وسيكون من الصعب حصر كل أحكامها النمطية واستنتاجاتها الجاهزة ومستويات «الفوبيا» المبالغ فيها تجاه واقع المغرب وتجاه مجمل تحولاته الماضية والراهنة. في المقابل، بدأت قطاعات واسعة من الباحثين المغاربة المعاصرين تنحو نحو بلورة مقاربات بديلة في قراءة مختلف أوجه إبدالات العلاقات المغربية الإسبانية، وفق رؤى مجددة تجاوزت أحكام ضغط المرحلة الاستعمارية وإكراهات الملفات العالقة، وعلى رأسها ملف الثغور الشمالية المحتلة وصورة المغربي (المورو) في المخيال الجماعي لإسبان الأمس واليوم. في إطار هذا الأفق العام، يندرج صدور كتاب «دراسات تاريخية حول العلاقات المغربية الإسبانية» (باللغة الإسبانية)، لمؤلفه مصطفى عديلة، ضمن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان سنة 2007، ويصل عدد صفحاته 182 صفحة من الحجم الكبير. والكتاب – في الأصل - تجميع لمجموعة من الدراسات التي سبق للمؤلف أن ساهم بها في لقاءات علمية بكل من إسبانيا والمغرب، وهي تمتاز بعمق أكاديمي رفيع سمح بتجاوز أساليب الاجترار التلقائي للأحكام النمطية التي راكمناها عن علاقاتنا بجارنا الإسباني بالشمال. إنها منطلقات مجددة، تحاجج الرأي العام الإسباني باللغة التي يفهمها، وتقدم عناصر القوة في خطاب البحث العلمي المغربي وقدرته على إعادة تصحيح الرؤى المتبادلة بين المغاربة والإسبان، وبالتالي إعادة طرح الملفات العالقة، عبر التحرر من ضغط الماضي ومن هواجس الراهن ومن قلق المستقبل. ففي الدراسة الأولى سعى المؤلف إلى تتبع ظروف صعود الدولة السعدية في إطار تفاعلات معركة الملوك الثلاثة، وانتقل في الدراسة الثانية لتفصيل الحديث عن الجيش السعدي من خلال تقديم ملاحظات عامة حول بعض الوثائق الموريسكية. وخصص الدراسة الثالثة للتوثيق لإحدى أبرز معالم المقاومة المسلحة بمنطقة جبالة، واهتم – في سياق آخر – بالكشف عن مواقف الجمهورية الإسبانية الثانية من مسألة التخلي عن منطقة الحماية الإسبانية بشمال المغرب. وعادت الدراسة الخامسة للتوثيق لبعض عناصر العمل الثقافي للحركة الوطنية بمنطقة الحماية الإسبانية، وتتبعت الدراسة السادسة مظاهر نظام الحماية الذي فرضته فرنسا وإسبانيا بالمغرب، انطلاقا مما خلفه كارلوس دي بارايبار بهذا الخصوص. أما الدراسة السابعة، فقد رصدت طبيعة مشاكل «الوضع القائم» الدولي بمضيق جبل طارق خلال فترة الحرب الأهلية الإسبانية. وفي موضوع مثير، تتبعت الدراسة الثامنة مظاهر حضور المنفيين الجمهوريين الإسبان بالمغرب. واهتمت المواد الأخرى بالبحث في خبايا الذاكرة المشتركة بين المغرب وإسبانيا، وحضور مدينة تطوان في الكتابات الصحافية الإسبانية، ثم حضور إسبانيا داخل الرصيد الإعلامي لصحف تطوان والمنطقة الخليفية خلال عهد الاستعمار، ثم دراسة تركيبية في رصيد الأعمال المؤسسة التي أنجزها المؤرخ البحاثة محمد بن عزوز حكيم حول مختلف تطورات العلاقات المغربية الإسبانية، قديما وحديثا. وختم المؤلف عمله بتقديم ملاحظات تركيبية عامة حول طبيعة تيارات الهجرة العابرة لمضيق جبل طارق، بما تحمله من تحديات مقلقة بالنسبة لإسبانيا ولمجموعة الاتحاد الأوربي في إطار علاقاتها بدول الجنوب. وبذلك، استطاع مصطفى عديلة تجميع نتائج جهد أكاديمي متميز في مجال الانشغال بقضايانا «الإسبانية «، بما لذلك من وقع على مجمل التأثيرات القائمة أو المفترضة على واقع حضور صورة المغرب والمغاربة داخل الوسط التواصلي الإسباني، سواء منه الرسمي أو المدني. ولا شك أن مثل هذه الأعمال تحمل الكثير من المفاتيح القادرة على تطوير ممكنات البحث العلمي قصد جعله أداة لإعادة طرح ملفاتنا أمام الرأي العام الإسباني وأمام نخبه ومثقفيه، دفاعا عن حقوقنا التاريخية المغتصبة أولا، واستلهاما لروحنا الأندلسية ولتراثها الرمزي والإنساني الذي نعتز بالنهل من معينه ثانيا.

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دراسات تاريخية حول العلاقات المغربية الإسبانية دراسات تاريخية حول العلاقات المغربية الإسبانية



GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 03:11 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

السلطات الإسبانية تطلق النار على مغربي هتف "الله أكبر"

GMT 14:17 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

أفكار مميزة لتزيين مدخل منزلك ومنحه "الحياة"

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أصالة نصري تعود إلى لبنان مجددًا بلا شروط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

عطور "أنفاس" تعزز الشعور بالسعادة

GMT 15:11 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

مالك الجزيري يتقدم في بطولة كيو غينج الصينية

GMT 00:22 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

عطور "مارك جاكوبس" لإطلالة ساحرة برائحة الفواكه

GMT 12:49 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

أزياء "دولتشي آند غابانا" لخريف 2018 للرجل العصري بامتياز
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca