الرباط - وكالات
بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، لتسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية.الفنانة التشكيلية المغربية الراحلة الشعيبية طلال
في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة، ابتداء من منطقة اشتوكة التي رأت فيها النور، ووقوفا عند محطات كانت قماشات الشعيبية تجاور أعمال فنانين عالميين كبار من أمثال بيكاسو وميرو، وبراغ، ومودغلياني، وآخرين.
عرضت الشعيبية حسب شهادة وحيدها طلال مع عباقرة الفن التشكيلي، ولم تكن الشعيبية تدري أن أعمالها تثبت على جدار الأروقة العالمية وبجوارها أعمال فنانين رحلوا في عز العطاء. ظلت الشعيبية تعتقد أن بيكاسو وصونيا دولوناي وآخرين أحياء يرزقون، إذ لم يستطع ابنها طلال كشف حقيقة موت هؤلاء.
في مسارها الفني الممتد من 1961 إلى حدود 2004 السنة التي فارقت فيها الشعيبية الحياة، ألهمت ابنة اشتوكة العديد من الفنانين المغاربة والأجانب، ووصفها الناقد الفرنسي لويس مارسيل بأسطورة المغرب الفنية، وسمتها الناقدة ومؤرخة الفنون أوزير غاسيي، "مهبولة" اشتوكة بركة ونعمة على المغرب. وقال في حقها الشاعر والكاتب والناقد الفرنسي، أندري لود" هي التي احتفت بألوان المغرب".
التشكيلي الفرنسي بيسيير استغرق عقودا ليحاكي أعمال الشعيبية
يستحضر الحسين طلال البدايات الأولى لاكتشاف الشعيبية. ويقول "في سنة 1961، كان قد حل بير كودبير ناقد فرنسي، ومدير متحف الفن الحديث بباريس، على المغرب، صحبة الفنان التشكيلي الراحل الشرقاوي، من أجل رؤية أعمالي، وصادف ذلك اليوم وجود عاملين في بيتنا من أجل صباغة المنزل، الذي نقطن به.
جاء الناقد الفرنسي للاطلاع على تجربتي الصباغية مدفوعا بزميلي الشرقاوي، وبينما نتحدث عن الفن والحركة الفنية في المغرب وأروبا وتحديدا الموجات التي ظهرت في فرنسا، تقدمت الشعيبية نحو الرجل، وقالت له "مسيو أنا أرسم كذلك "، وحين أطلعته على مجموعة من قطع الكارتون وبها رسومات عبارة عن مشاهد تمهيدية، وخطوط تحيل على الزربية، تفاجأ كودبير، وقال من رسم هذه الأشياء، فأجابت الشعيبية أنا "مسيو".
ومن أجل إعطاء قيمة للخربشات التمهيدية للشعيبية، التي رسمتها بصباغة الأبواب، استرسل كودبير في حديثه عن تجربة أحد الفنانين الفرنسيين وهو خريج مدرسة الفنون الجميلة بباريس يدعى "بيسيير"، قضى 70 سنة من عمره، كي يصل إلى ما خربشته الشعيبية.
استغرب الناقد الفرنسي صنيعها الفني ولم يدر بخلده أن يجد امرأة مغربية على ذلك العهد تتعاطى للصباغة، فأطال النظر، في مجالسيه كأنه يبحث عن شيء أو يفكر في شيء، وكان رفقتنا الفنان أندري الباز أيضا، وقال بلغة الواثق إن الشعيبية ستستمر في التسلية بهذه الألوان، وإن لم تتوقف لمدة ثلاثة أشهر ستصبح رسامة كبيرة وسيكون لها شأن كبير في ما بعد، وأمرني ألا أتدخل في رسوماتها، ونصحني بأن اتركها وشأنها، وستشق طريقها لوحدها.
بالإضافة إلى ذلك، رأت الشعيبية في المنام رجالا يرتدون لباسا أبيض اللون، منحوها عدة الصباغة من فرشاة وقماشة، وحين استيقظت روت قصة الحلم على شقيقتها (خالتي)، وأمرتها بأن تعجل بالأمر، ومن ثمة رهنت مستقبلها بالصباغة. وقصدت الشعيبية أحد الباعة الفرنسيين المتخصصين في بيع لوازم الصباغة مرتدية جلبابا تقليديا، وقال لها البائع، هل تريدين ان تصبحي "بيكاسو"، وبالطبع كانت الشعيبية تجهل كل شيء عن الفنان العالمي بيكاسو، الذي ستشارك يوما رفقته في معرض نظم في باريس.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر