برلين ـ وكالات
قمران صناعيان يحومان حول الأرض ليمسحا من على بعد500 كيلو متر سطح الأرض لتزهو بجسمها الثلاثي الأبعاد بعد جمع مختلف خرائطها. ماذا يعني هذا يا ترى للعلماء ومهندسي الفضاء والبشرية جمعاء؟
يعد هذا الزوج الأفضل في عالم الأقمار الصناعية، إذ يدور تيراسارإكس وتانديم إكس خمس عشرة مرة حول الأرض يومياً في شكل فريد من نوعه. فيشكل القمران البالغ حجم كل منهما حجم ما يزيد على حجم سيارة فولكسفاغن دائرة على بعد مسافة 500 كيلومتراً من كوكبنا، ليبعد كل منهما عن الآخر مسافة لا تزيد عن بعض مئات من الأمتار.
وتفحص هذه الأقمار الصناعية سطح الأرض بأجهزتها الرادارية الاستشعارية، وذلك تحت شعار " طيران منفصل وقياس موحد". ويضيف ألبيرتو مورايرا مدير التكنولوجيا عالية التردد والأنظمة الرادارية في مركز الفضاء الألماني في أوبربفافينهوفن:" طورنا تكنولوجيا معينة تمكننا من استخدام نظامي رادار في شكل طيران ضيق، يسمح لنا بالحصول على تصور ثلاثي الأبعاد لسطح الأرض". ولم يسبق قط للمهندسين استخدام أقمار صناعية على ذات المسار قط. ومن أجل الحصول على المعلومات المأمولة حول سطح الأرض، يجب المحافظة على المسافة بين الأقمار الصناعية بوضعية لا هي شديدة القرب ولا البعد من بعضها البعض.
يحيط المدار السماوي بسطح الأرض بشكل ثلاثي الأبعاد للناظر عبر المناظير المختلفة للقمرين الصناعيين، وهو ما يشبه عمل عيني الإنسان. فيوضح مانفريد زينك، مدير مشروع تانديم إكس في مركز الفضاء الألماني:" هكذا تُمسح مساحة سطح الأرض كاملة أي 150 مليون كيلومتر مربع مرتين".
وتغطي أجهزة الرصد الرادارية في كل مرة بالمعدل مساحة 20 × 40 كيلومتر، ليبدو سطح الأرض في نهاية الأمر كسجادة كبيرة ترقع تدريجياً بالكامل. وترسل هذه الأقمار الصناعية المعلومات التي تحصلها إلى الأرض منذ عامين، ومن المفترض انتهاء الجزء المهم من العمل بحلول نهاية العام المقبل، فيقول:" ومن أجل تغطية البقاع الصعبة والحادة كالجبال، نحتاج إلى ستة أشهر أخرى".
كلا القمرين الصناعيين يمتلكان صفة "صنع في ألمانيا"، إذ تم صنعهما في آستريوم في فريدريشهافن بناءاً على طلب من مركز الفضاء الألماني. وأطلقا للفضاء في عام 2007 وحتى 2010 بصواريخ دنبر1 الروسية الأوكرانية من مدينة بايكونور. ويعلل إيكارد سيتيلماير، مدير أستريوم لرصد الأرض وعلمه، اختيار الأقمار الصناعية:" الجانب الإيجابي من الرادار واضح، ألا وهو عدم تأثر الرائي بالغيوم وقوة الإضاءة".
إذ يلتقط زوج الأقٌمار الصناعية صوراً مثالية للأرض، سواء أكان الجو معتما أو مشرقا أو غائما. ففي حين يتوجب على معامل بعض الأقمار الصناعية إعادة ضبطهم في حال ضبابية الجو، تكمل الأقمار الألمانية عملها دون أن تتأثر بتلك الظروف. ويهدف فريق الرصد الألماني إلى دقة رصد لم يسبق لأحد الحلم بتحقيقها. إذ يقول مانفريد زينك:" الهدف من عملية تاند إكس إنتاج نموذج عالمي متجانس بحجم 12× 12 متر مع نقطة ذروة لكل منها تتواجد وفقاً لتأملاتنا عند كل مترين بالتمام".
هذا يعني الكثير من العمل بالنسبة للعلماء والمهندسين، إذ أن عملية تقييم المعلومات المطروحة من الأرصدة صعبة جداً. إضافة إلى ذلك، يجب على خطوط الطيران العلم بأماكن هذه الأقمار بدقة متناهية، رغم سرعتها البالغة 27.000 كيلومتراً بالساعة. ولقاء هذه الجهود سيكونون الأوائل لإنتاج نموذج ثلاثي الأبعاد للكرة الأرضية.
وسيتم الاستفادة من هذه المعلومات لغايات متعددة كتخطيط المدن والمسطحات والملاحة وبناء خطوط الكهرباء والنفط والغاز والملاجئ في حالات الطوارئ. فتخدم هذه المعلومات العلماء للكشف عن حالات ذوبان الجليد والزلازل والبراكين. وحتى العسكر يجد في ذلك فرصة براقة. فالأعين الرادارية في السماء تعني لمنفريد زينك وفريقه نظرة جديدة تماماً على كرتنا الأرضية:" تنديم إكس يمثل تحدياً علمياً وتقنياً ومنتج مهم للبشرية جمعاء".
بما أنه كان معلوم من البداية لدى جميع الأطراف إمكانية الربح الكثير من هذا المشروع، تمت الشراكة في عملية تانديم إكس كشراكة عامة- خاصة. ربع تكاليف هذا المشروع البالغة بالمجمل ما يزيد على 200 مليون يورو تحملتها شركة أستريوم. وبالمقابل، تتحمل الشركة مسؤولية التسويق التجارية لهذه المعطيات الرادارية. ونظراً لكثرة المهتمين بهذه المعطيات، يفكر فريق عمل تانديم إكس في عملية لاحقة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر