آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

خَلَّفَتْ ضَحَايَا مِنَ الْأَطْفَالِ والسيدات بَعْضُهُنَّ نَادِمَاتٍ

أسرار جديدة عن معاناة نساء "داعش" المغربيات والمصير المجهول

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - أسرار جديدة عن معاناة نساء

النساء المغربيات
الرباط ـ الدار البيضاء اليوم

غَادَرْنَ أَوْطَانَهُنَّ قَبْلَ سَنَوَاتٍ، تَعَدَّدَتِ الْأَسْبَابُ وَالوِجْهَةُ وَاحِدَةٌ، سَرَابٌ مُغَلَّفٌ بِقِنَاعٍ دِينِيٍّ، مُعَسْكَرَاتُ "دَاعِشْ"، مَضَتِ السَّنَوَاتُ، اِنْتَهَتِ المَعْرَكَةُ، أَوْ رُبَّمَا هِيَ مَرْحَلَةُ هُدْنَةٍ، إِلَّا أَنَّ الأَكِيدَ أَنَّهَا خَلَّفَتْ ضَحَايَا مِنَ الْأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ، بَعْضُهُنَّ نَادِمَاتٍ وَأُخْرَيَاتٌ أَرْهَقَهُّنَّ الذُّلُّ وَالْمُعَانَاةُ، فَصِرْنَ يَرْغَبْنَ فِي الْعَوْدَةِ إِلَى بُلْدَانِهِنَّ؛ يُفَضِّلْنَ سُجُونَهَا عَلَى حُرِّيَّةٍ مُزَيَّفَةٍ دَاخِلَ الْمُخَيَّمَاتِ.

مُخيّماتٌ في صَحَارَى بعيدةٍ عن المدنِ أشهرُها مخيمُ الهول. هُناك توجدُ تركةُ "داعشْ"، نساءٌ وأطفالٌ استطاعُوا التغلُّبَ على الموتِ، ولم يَكُنِ السّجنُ حليفهمْ، لكنْ تمَّ الزَّجُّ بهمْ في خِيَمٍ خلفَ أسوارٍ تحتَ حراسةِ الأكرادِ.

هناك توجدُ مئاتُ المغربياتِ مع أبنائِهنَّ، استطاعتْ أنْ تتواصلَ مع بعضهنَّ، فرَويْنَ لها تفاصيلَ مغادرتهنَّ، وتحدثْنّ عن كيفيةِ عيشهنَّ بالمخيماتِ.

تروي خديجة (اسم مستعار) تفاصيل رحلتها من المغرب إلى سوريا ووفاة زوجها في أرض المعركة، لتجد نفسها تتزوج من رجل ثان كان السجن حليفه وتنقل هي إلى مخيم الهول الشهير.

تقول خديجة: "خرجت من المغرب مرافقة لزوجي، أقنعني بأن أرافقه إلى سوريا، فذهبت معه لأنني لا أستطيع تركه يغادر لوحده"، وتضيف: "لم أكن أعرف أي شيء عن داعش"،

وتواصل قائلة: "بعد الوصول بشهرين، توفي زوجي وتم وضعي في مكان رفقك الأرامل، حاولت حينها العودة إلى المغرب لكنني لم أستطع".

 

ظلت خديجة تحاول إلى أن تم تزويجها للمرة الثانية، وتقول: "عشت مع زوجي بضع سنوات، حاولنا الخروج من المخيم لكن لم نستطع وغلبنا الخوف من أن يعتقلنا الدواعش كما فعلوا مع غيرنا... ظللنا نحاول إلى أن انتهى الحال بزوجي بالمعتقل وأنا بالمخيمات".

أطفال يحرقون ويموتون بردا

من هؤلاءِ النساءِ منْ تُبقِي على تبنيها لفكرِ "داعشْ" وتجاهرُ بهِ، وأخرياتٌ نادماتٌ. بعضهن يظهرن عيونهن وأخريات تخفيها الأسوار رغما عنهن، لكن الأكيد أنهن جميعا يعشن أوضاعا يصفنها بـ"المزرية"، يشاهدن أطفالهن يتعذبن أمام أعينهن، بعضهم يحرق وبعضهم يموت من شدة البرد.

تقول سمية (اسم مستعار): "وضعي ووضع أخواتي صعب جدا، فحينما تمطر تغرق خيمنا وكل ما نملك بها، فالمكان عبارة عن صحراء تكثر فيه العواصف وتوقع خيمنا"، ثم تضيف بأسف: "عدد من الأطفال ماتوا جراء شدة البرد".

بعيدا عن البرد، تعاني النساء داخل المخيمات من كثرة الحرائق التي تسببها المدفئات الغازية، والتي يحرق لهيبها الأطفال في غفلة من أعين أمهاتهم؛ فخلال الأسبوع الواحد، يمكن أن تشب أربعة أو خمسة حرائق، وعدد من الأطفال التهبت وجوههم بنارها، تقول سمية، مضيفة: "نعاني أيضا من قلة الحيلة؛ فأطفالنا ليس لهم حق في الدراسة أو اللعب، ناهيك عن مداهمات العساكر ليلا ونهارا".

مداهمات عسكرية

تشير المعطياتُ الرسميةُ إلى أنَّ مائتينِ وثمانينَ مغربيةً، رفقةَ أكثرَ منْ ثلاثمائةٍ وتسعينَ طفلاً، يتواجدونَ في بؤرِ التوترِ في الشّرقِ الأوسطِ. وتؤكدُ السلطاتُ أن هناكَ جهوداً من المغربِ للتدخلِ.

في المقابلِ، تعيشُ المغربياتُ وأطفالهُنَّ تحتَ وطأةِ التعذيبِ، ينتظرونَ يوماً تتمكنُ فيه السلطاتُ من الوفاءِ بوعدها والعودةِ بهمْ إلى الوطنِ.

تقول السمية: "العساكر يقومون بمداهمات نهارية وليلية، وحينما يجدون هاتفا لدى إحداهن يأخذونها ويتركون أطفالها وحيدين مشردين لأشهر طوال، منهن من تربط يداها وتظل في الخلاء وحيدة، ومنهن من يتم تعذيبها بالكهرباء".

أمهات مكلومات

شبابٌ غادروا وخلفوا وراءَهمْ أهالِيَ وأمهاتٍ مكلوماتٍ يعانين كلّ يومٍ بسببِ غيابِ فلذاتِ أكبادِهِنَّ، يتضرعنَ للإلهِ كيْ يعيدهمْ، ورغمَ مَا خلفوهُ وراءهمْ من ألمٍ وحرقةٍ استطعنَ مسامحتهمْ، ويأملنَ أن يكونَ الوطنُ أيضا غفوراً رحيما.

بدموع منهمرة وقلب مكلوم، أعادت فاطمة بن ادريس، أم مغربية بالمخيمات السورية، تذكُّر تفاصيل مغادرة ابنتها رفقة أبنائها الأربعة في غفلة منها، ويزيدها حسرة ما لقيته الأسرة من عذاب دام سنوات طوال قبل أن ينتهي بها الأمر في المخيمات.

تقول فاطمة: "ابنتي فاطمة الزهراء الرويش لها سبعة أبناء، أربعة ازدادوا بالمغرب، وأنجبت هناك ثلاثة أطفال لسوري، لا أدري كيف ذهبت، كانت معي ولم تخبرني بسفرها حتى تلقينا اتصالا من زوجها يخبرنا أنهم في تركيا، سألته إن كان ذلك للسياحة فأخبرني أنهم راحلون إلى سوريا".

 

تؤكد الأم أن الصدمة تسببت في مرضها وخضعت للعلاج لسنوات طوال، متسائلة باستنكار: "كيف يمكن لابنتك التي قمت بتنشئتها وتربيتها أن تخلف كل هذه الصدمة؟ كيف يمكن لإنسان يكون برفقتك وبين عشية وضحاها يختفي دون أن يترك أثرا؟".

السنوات الست التي احتفت خلالها الفتاة رفقة أسرتها عاشتها الأم متحسرة على فلذات كبدها، ابنتها وأحفادها، تحترق شوقا للقياهم أو حتى سماع صوتهم الذي ينقطع لشهور طوال قبل أن يتجدد سماعه عبر تطبيقات التواصل الفوري بالهاتف الذكي.

تقول الأم التي شارفت على عقدها السابع: "لم أكن أجيد استعمال الهاتف وتعلمته، لم أكن أعرف استخدامه وبت أتقنه، أحمله أينما ذهبت عله يأتيني بخبر عنهم".

تؤكد فاطمة أنه في آخر مكالمة لها مع زوج ابنتها أخبرهم بأنه قام بتسليم زوجته وأبنائه للمخيمات لأنه لم يعد قادرا على حمايتهم، وتقول: "ما تحكيه لي ابنتي أنهم تعذبوا كثيرا، لم يجدوا حتى ما يأكلونه وباتوا يقتاتون على التراب وحشائش الأرض، ومرض الأطفال جميعهم".

تؤكد الابنة في كل محادثة لها مع أمها ندمها الشديد، وتقول الوالدة: "هي أكثر من نادمة حاليا، تقول لي إذا ما عدت إلى الوطن سأولد من جديد، تقول لي إنها تعبت وتعرضت للمذلة، وإنها باتت تمد يدها للغير لطلب ما تطعم به أبناءها"، مضيفة: "نطلب من المسؤولين أين يتم العفو عن أبنائنا، فهم مشردون ويعانون الويلات".

ليست فاطمة هي الأم الوحيدة التي قابلتها هسبريس، فهناك أخريات. تقول إحداهن فضلت عدم ذكر اسمها ولم تقو سوى على نطق بعض الجمل بصعوبة شديدة: "تقول ابنتي كلما تحدثت معها: أنا أستطيع التحمل لكن لا أدري إلى متى سيتحمل أبنائي"، وتضيف: "زوجها مات هي الأخرى، فقط تم إخبارها بنبأ الوفاة دون أن ترى جثته".

قنبلة موقوتة

إرثٌ ثقيلٌ أو ربما قنبلةٌ موقوتةٌ، يطلبونَ عطفَ الوطنِ وسْطَ تخوفاتٍ من أنْ يكبرَ الأطفالُ الصغارُ وفي قلوبهمْ حقدٌ دفينٌ، فيما تنادي المنظماتُ الدوليةُ بضرورةِ إيجادِ حلٍ سريعٍ للملفِّ.

عبد العزيز البقالي، ممثل التنسيقية الوطنية لعائلات العالقين والمعتقلين المغاربة في سوريا والعراق، يؤكد أن العائلات ناشدت الملك واستنجدت به وطلبت تدخله، موردا أنه "كلما طالت المدة كبر الأطفال، ونخاف أن يكبر كرهم لبلدهم لإحساسهم بأن دولتهم تخلت عنهم".

ويتابع البقالي ضمن تصريح قائلا: "في النهاية يظل هؤلاء أطفالنا ونساؤنا، ولا بد أن يحسوا بأن وطنهم يعطف ويحن عليهم، فهناك نساء وأطفال لا ذنب لهم، والمرأة حسب التقاليد المغربية تتبع زوجها أينما ذهب، والأطفال ولدوا هناك".

قد يهمك أيضًا:

 الحزب الشعبي يرفض وجود القاصرين المغاربة في إسبانيا

المندوبية السامية للتخطيط تسجل تحسنًا طفيفَا في القدرة الشرائية للمغاربة

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسرار جديدة عن معاناة نساء داعش المغربيات والمصير المجهول أسرار جديدة عن معاناة نساء داعش المغربيات والمصير المجهول



GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 03:11 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

السلطات الإسبانية تطلق النار على مغربي هتف "الله أكبر"

GMT 14:17 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

أفكار مميزة لتزيين مدخل منزلك ومنحه "الحياة"

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أصالة نصري تعود إلى لبنان مجددًا بلا شروط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

عطور "أنفاس" تعزز الشعور بالسعادة

GMT 15:11 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

مالك الجزيري يتقدم في بطولة كيو غينج الصينية

GMT 00:22 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

عطور "مارك جاكوبس" لإطلالة ساحرة برائحة الفواكه

GMT 12:49 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

أزياء "دولتشي آند غابانا" لخريف 2018 للرجل العصري بامتياز

GMT 15:35 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

رأي رياضي.. "البق ما يزهق"

GMT 08:53 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

"الأرصاد المغربية" تحذر من أمطار عاصفية في هذه المناطق

GMT 21:50 2012 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

إلغاء جلسة نقاش مع أسانج في جامعة كمبريدج
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca