آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

قتلوا أهلها فباتت تتلذَّذ باصطيادهم واحدًا تلو الآخر

الإيزدية خاتون مقاتلة "حماية شنكال" تقنص عناصر "داعش"

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - الإيزدية خاتون مقاتلة

وحدات حماية المرأة الشنكالية
لامار ـ أركندي

 التقيتها في جبال "سنجار"، خاتون الحسناء الإيزدية المقاتلة من وحدات حماية المرأة الشنكالية في الذكرى السنوية الثانية للمجزرة التي ارتكبها تنظيم "داعش" المتطرف بحق الكرد الإيزديين في الثالث من آب /اغسطس 2014 في شنكال تسمية الكرد الإيزديين لموطنهم الأصلي "سنجار".

كانت بضعة أمتار تفصلني عنها، وهي تحمي أبناء جلدتها في تلك الجبال التي أدمت من هول ما حل بها قبل السنتين من اليوم وسط جموع الشنكاليين القادمين من مخيم "نوروز" للاجئين في مدينة ديريك غرب كردستان (شمال سورية), ومدينة سنون الملاصقة لجبال شنكال، والقرى المحررة المحيطة بها . فتنتني ابتسامتها المثقلة بإرادة حديد شب من جبروتها, لم أفوت فرصة لقاء قد لا يتكرر فربتُّ على كتفها, خوشكى (أختي ) هل تحدثيني قليلًا، لم تمانع من الاستجابة لطلبي بالحديث بعد أن أخبرتني عن اسمها "خاتون".

<img alt="الإيزدية خاتون مقاتلة " حماية="" شنكال"="" تقنص="" عناصر="" "داعش"""الإيزدية="" خاتون="" مقاتلة="" "حماية="" "داعش""="" data-cke-saved-src="http://www.almaghribtoday.net/img/upload/almaghribtodaydrh.jpg" src="http://www.almaghribtoday.net/img/upload/almaghribtodaydrh.jpg" style="height:350px; width:590px">

سألتها هل تقيمين مع عائلتك أيتها الجميلة الشجاعة، فـ"داعش" يخاف رصاصاتك يا لبوة؟! ضحكت بهدوء قائلة نعم كم يروقوني أن أتصيدهم الواحد تلو الآخر، فهم قتلوا عائلتي, وكل من أملك، احرقوا بداخلي حياة كاملة، دمروا وطني وذبحوا إهلي, أخوتي, أصدقائي، جيراني كل من أحب في تلك الليلة الملعونة، جاؤوا حاملين إرهابهم وسكبوه في قلب شنكال تحت أسم الله، ونحن الكرد الإيزديين كنا أول من ركع للخالق عبر التاريخ.

وتابعت خاتون دخلوا مدينتي، وكبروا, وبدؤوا يجرون الفتيات والأطفال، والنساء من شعرهن، كنت مع أمي وصديقاتي، وجاراتي من بينهن, واقتادونا بعيدًا، صوت صراخنا كاد يشق كبد السماء، وهم ينهالون علينا بالضرب مكبرين. ذبحوا كل من صادفوه في طريقهم, قتلوا إخوتي الخمسة ووالدي أمامنا، والكثير ممن عرفناهم وأحببناهم، نحروا رؤوسهم ونثروها على أرصفة المدينة التي اكتظت بجثث أحبتنا تحت اسم دين منهم براء.

وصلت خاتون مع الآلاف من الفتيات والأطفال والنساء إلى مدينة الرقة معقل تنظيم "داعش" في سورية، وأودعوا سجناء في مستودع كبير بعد أيام من خطفهن من معشوقتهم شنكال كما تقول. وتواصل خاتون فصلوا الأطفال عن أمهاتهم، وحرمونا نحن البقية من الطعام والماء لأيام، بقيت ملاصقة لأمي، كم أشعرتني بأمان وأنا متشبثة بحضنها، سحبوني من بين زراعيها، كانوا 10, 6 منهم اغتصبوني لساعات, والبقية ذبحوا أمي أمامي، وفصلوا رأسها عن جسدها، فقدت الوعي والإحساس فعيناها تسمرتا وصمتتا إلى الأبد, وبدؤوا فرم جسدها إربًا إربا, تمنيتُ أن أفيق من ذاك الكابوس الذي لم أصدقه للآن. أيقظوني لتبدأ رحلة المعاناة الأكبر عندما جاؤوا بالطعام، وأجبرونا على تناوله، لن أنسى ابتسامتهم الصفراء الخبيثة حينما قال أحدهم سنكرمكم اليوم في الطعام، وغدًا وبعد غد ستأكلون كل يوم اللحم الطازج, وتقهقهوا، أعطوني صحنًا وسكبوا فيه يد أمي، وبعض لحم جسدها بعد أن قطعوها أجزاء، وطبخوها طعامًا لنا وأرغمونا على تناوله.
كنت أفقد الوعي وأستسلم له, فصورتها لم تفارقني، بقيت عالقة في مخيلتي قابعة أمامي، وهي منحورة لا حول لها ولا قوة من ذنب لم تقترفه .

حدثتني خاتون عن ذبح العديد من الأطفال بعد فصلهم عن أمهاتهم وتقطيع أوصالهم وأطرافهم الصغيرة، وطهي لحمهم وإجبار الأمهات على تناول لحم فلذة الأكباد، فقالت الكثير منهن فقدن عقولهن، وأخريات فارقن الحياة من فظاعة تلك المشاهد، والكثيرات أقدمن على الانتحار. حدثتني عن تصميمها هي وبعض الفتيات، والنساء على الفرار وفشلن مرات عدة لتأتي أخيرًا المحاولة التي كللت بالنجاح بعد أن تولت النساء المنتسبات إلى "داعش" الإشراف على مراقبتهن، وتمكنت هي وشيرين المختطفة معها من الهروب بعد إيقاع الحارسة المنتسبة إلى "داعش" المراقبة على الأرض، وضرب رأس الحارسة أم حذيفة بإخمص الكلاشينكوف الذي كانت تحمله. فرت المختطفتان خلسة وركضتا في الشوارع الفرعية للمدينة كيلا يتسنى لعناصر التنظيم العثور عليهن.

وأضافت طرقنا باب بيت ومن حسن حظنا كان صاحب البيت رجلًا مسنا هو وزوجته من أكراد كوباني "عين العرب"، أدخلانا وأخفيانا تمامًا, سردنا عليهما قصتنا، وهنا أقسم الكردي بافي معروف "أبو معروف" أن يأمن طريقة خروجنا من الرقة. بعد يومين هربنا إلى مدينة "كوباني" بمساعدة بعض المهربين واستقر فيها مع عائلته، وسلمنا إلى وحدات حماية الشعب الكردية، ومنها أمنونا إلى مخيم "نوروز" للاجئين في مدينة ديريك القريبة من مدينة قامشلو "القامشلي " وبعد أيام صممت على الانضمام لوحدات حماية شنكال وأقسمت بالثأر لوطني وأمي وعائلتي.

 تلقيت تدريباتنا العسكرية أنا ورفيقة دربي شيرين، صممت أن أكون صيادة هؤلاء الذين دمروا شعبي ووطني, مع الكثير من الناجيات الإيزيديات العائدات اللواتي أصبحن مقاتلات يقشعر "داعش" اليوم من رصاصتهن . رسمت لي صور المعارك التي خاضتها مع المقاتلات الكرديات ضد عناصر التنظيم, اللاتي اقسمن إفناء "داعش" إلى الأبد، والانتقام لكل امرأة وطفل ذاقوا ويل الاستعباد ومر الظلم على يد التنظيم الإرهابي. كم أدهشتني خاتون بنت العشرين بجبروتها القابع في ربيعها الجميل ترتطم آهاتها بأمواج غضب تضرب صف أسنانها اللؤلؤية البراقة, منحنيةٍ لسحر عينيها العسليتين اللتين تبشران بشاطئ الأمان.

طلسم زمن خيّل لي في ملامح تلك المقاتلة الحسناء الأسطورة يطن صدى صوتها بحشرجة احتبست في أنفاس إيزيدية سبيت في أزمنة ملعونة، تخرج حقائبها المنسية إلى اللاعودة . قبل عامين من اليوم تغيرت تفاصيل الألم وبقيت بصمته مروية بالدم، لم أتقن قراءة تاريخ مضى كما حدث لكن أحسست بجمرة غضب، بركان قابع تحت مملكة الجبال والجمال إنها "شنكال".

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإيزدية خاتون مقاتلة حماية شنكال تقنص عناصر داعش الإيزدية خاتون مقاتلة حماية شنكال تقنص عناصر داعش



GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 05:07 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات سهلة من بودرة القرفة والألوفيرا لشعر صحيّ ولامع

GMT 18:13 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

"حق الله على العباد" محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 02:33 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

زاهي حواس يكشف حقائق مُثيرة عن مقبرة "توت عنخ آمون"

GMT 08:52 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

توقيف أحد اللصوص داخل مدرسة التقدم في أغادير

GMT 07:35 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

ريتا أورا تُناهض التحرّش وتثير الجدل بإطلالة مثيرة

GMT 01:09 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مصادر تنفي خبر مقتل الفنان اللبناني فضل شاكر في غارة جوية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca