الرباط ـ أ.ف.ب
اقتحمت مُنقبات مغربيات المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وتتبادل من خلالها المواعظ والأحاديث كما يدون البعض منهن انطباعاتهن بشأن حياتهن اليومية مع النقاب. وقال الدكتور محمد بولوز مفسرا هذا الأمر إن "المنقبة تشعر براحتها خلف الشاشة وهي تجد تعويضا عما تشعر من عدم إمكانية فعله واقعا وممارسة".
ينشر بالاتفاق مع هسبريس
اقتحمت مُنقبات مغربيات أخيرا المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث تناسلت صفحات فايسبوكية خاصة بهن تحت مسميات مختلفة من قبيل "منقبات المغرب" أو "منقبات الدار البيضاء"، وغيرها من الصفحات التي يملأنها بمواعظ وصور لهن في مختلف الأماكن والفضاءات.
وتنشر المنقبات المغربيات على متن هذه الصفحات صورا لهن يمشين في الأسواق، وفي الشارع، وفي البيت مجتمعات كصديقات، وفي فضاءات التحصيل العلمي، بغاية إبراز أنهن يعشن حياتهن بشكل عاد، من أجل تبديد مخاوف الغير من تورط المنقبة في عزلة اجتماعية بسبب اختيارها لهذا النوع من الزي الإسلامي.
المنقبة ليست خيمة
أم يحيى، منقبة وأم لثلاثة أطفال، قالت لهسبريس إنها تساهم في تنشيط إحدى الصفحات الفايسبوكية الخاصة بالمنقبات، من خلال انتقاء الكلمات الطيبة، والنصائح والمواعظ الخفيفة، والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على الفضائل، خاصة منها التي تتعلق بالمرأة وما يتوجب عليها القيام به طاعة لله ولزوجها.
وتابعت أم يحيى أنها "لا تخجل من الجلوس خلف الحاسوب في بيتها وبحضور زوجها وأطفالها، من أجل متابعة أو تسيير صفحة تتعلق بالمنقبات، أو تشارك في التعليق في منتديات تخص المحجبات أو المنقبات"، مضيفة أن "الغرض من نشاطها هو إشاعة الكلام الطيب والسلوك القويم" وفق تعبيرها.
وبدورها أكدت شيماء، منقبة في عقدها الثاني، لهسبريس أنها "لا ترى مانعا في المشاركة في التواصل والتعبير عما يخالج ذهنها من آراء وأفكار، شرط أن تكون المجموعة التي يجري فيها الحديث عبارة عن أخوات متبعات لشرع الله، أو باحثات عن معنى الحجاب" على حد قولها.
وزادت المتحدثة بأن "الكثيرين يعتقدون أن المنقبة مجرد خيمة متحركة، لا فكر ولا مشاعر لها، ولا تمتلك قدرة على التواصل الطبيعي، ولا تستطيع التصرف بشكل طبيعي في الشارع وفي الأسواق"، مبرزة أن "هذا تصور شائع خاطئ، فالمنقبة مثلها مثل جميع بنات حواء، لهن ما لهن وعليهن ما عليهن" على حد قولها.
لحظات طفولية
وكتبت منقبة في صفحة خاصة بالمنقبات، محاولة دفع شبهة التطرف الديني عن كل من وضعت نقابا على وجهها "نحن مثلنا مثلكن، فما نختلف فيه عنكن هو أننا اخترنا تغطية وجوهنا حسب فهمنا للدين، والاختلاف لا يفسد للود قضية" تقول الكاتبة قبل أن تضيف "النقاب ليس فزاعة، كما أنه ليس شهادة براءة".
ودبجت منقبة أخرى في إحدى تلك الصفحات المخصصة لهن قولها "كأن لسان حال كل أخت منقبة تقول: أشعر بالحر مثلكم، وأعشق البحر مثلكم، وأهوى السباحة مثلكم، وتجتاحني لحظات طفولية".
وتابعت المنقبة ذاتها "وكأن لسان حال المنقبة تقول أيضا يعجبني أن أسدل شعري وراء ظهري، وأن ألبس ثيابا قصيرة، وأقفز، وأجري كالأطفال مثلكم، وأحب كل شيء ".
وأضافت "لكن ثمة من يستحق التقدير والإجلال على عرشه استوى سبحانه، وقد أمرني بالستر والحجاب، وأنا بكل حب وخضوع أقول له سبحانه وتعالى "سمعنا وأطعنا".
محمد بولوز: تبديد الغربة
وبالنسبة للدكتور محمد بولوز، أستاذ التعليم العالي باحث في العلوم الشرعية، فإنه "ليس الغريب أن يكون للمنقبات صفحات فايسبوكية خاصة أو مجموعات أو مواقع على الشبكة المعلوماتية تخصهن، وإنما الغريب أن يكون هذا الوضع الطبيعي في مثل زماننا موضع تساؤل وإثارة".
وتابع بولوز، في تصريحات لهسبريس، بأن "حب التواصل والتعبير عن الذات والدفاع عن الخصوصية الفردية والجماعية فطرة بشرية يمارسها الجميع بمختلف الوسائل المتاحة والممكنة".
وأردف المتحدث بأن "وضعية المرأة المنقبة وما تعانيه من غربة قليلة أو كثيرة في بيئتها ومحيطها، وما اختارته أو التزمت به من قيود وحدود وضوابط على حركتها وسلوكها ومظهرها، يجعلها تجد في صفحات التواصل الاجتماعي ما يمكنها من التعريف باختياراتها، ورد الشبهات المثارة حول نمطها في اللباس والسلوك الاجتماعي والدفاع عن ذلك".
وزاد بولوز "تجد المنقبة في ذلك أيضا فرصة للتعرف على مثيلاتها في الوطن وعبر العالم، بل وتستطيع التفاعل مع قضايا المجتمع والأمة والسياسة وحتى ما يطرحه الرجال من غير حرج، ومع هامش كبير من الحرية، وما يسعفها أكثر أن جماهير غفيرة من رواد تلك المواقع إناثا وذكورا في حكم "المنقبات"، حيث لا تعرف هويتهم ولا وجوههم ولا حتى أسماءهم في كثير من الأحيان".
وأوضح بولوز أن "المنقبة تشعر براحتها خلف الشاشة وهي تجد تعويضا عما تشعر من عدم إمكانية فعله واقعا وممارسة، وتعتقد تمثلها لحال أمهات المؤمنين اللواتي قيل في حقهن "وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن".
وبخصوص استثمار المنقبات صفحات التواصل الاجتماعي لإظهار وضعهن الطبيعي في السوق والشارع وفضاءات التحصيل العلمي ومختلف مرافق الحياة، يؤكد بولوز أن "ذلك يدخل في الدفاع عن اختيار يرينه، ومعهن قطاع لا يستهان به من المتدينين واجبا وفريضة".
وأكمل بولوز بأن "قطاعا عريضا من المتدينين لا يشاركون المنقبات هذا الرأي والاختيار، ويعتقدون أن الواجب هو ستر جميع بدن المرأة باستثناء الوجه والكفين"، مشيرا إلى أن "المنقبات يستثمرن تلك المواقع لتبديد مخاوف المقبلات على هذا الخيار من العزلة الاجتماعية، ومن صعوبات الاندماج في المؤسسات".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر