حظيت قصة الشابة السعودية، رهف محمد القنون التي هربت من عائلتها، ومنحت اللجوء في كندا، باهتمام عالمي وتغطية إعلامية كبيرين، ما سلط الضوء مجددًا على أوضاع النساء في المملكة العربية السعودية والقيود المفروضة عليهن.
ومع استمرار الجدل بشأن حقوق المرأة في البلاد، قررت شابة سعودية أخرى، عاشت تجربة مشابهة لتجربة الفنون، أن تقص على "بي بي سي"، حكاية هروبها من عائلتها في السعودية ووصولها إلى كندا.
وسلوى التي يبلغ عمرها 24 عامًا هربت مع أختها التي يبلغ عمرها 19 عامًا قبل 8 أشهر من المملكة العربية السعودية، وهما تعيشان الآن في مونتريال، وهذه قصتها كما ترويها بنفسها.
الاستعداد
وروت سلوى،"كنا نخطط للهرب طوال ما يقارب الست سنوات، ولكن كنا نحتاج إلى جواز سفر وبطاقة هوية لنتمكن من تحقيق ذلك، لكن المشكلة هي أنني أحتاج إلى موافقة ولي أمري للحصول على هذه الوثائق، ولحسن الحظ، كنتأملك بطاقة هوية، لأن عائلتي وافقت على استصدارها لي حين كنت أدرس في الجامعة، كما كان لدي جواز سفر، لأنني احتجت إليه لكي أتمكن من الخضوع لامتحان باللغة الإنكليزية قبل سنتين، لكن عائلتي أخذت مني الوثيقتين، وكان علي أن أستعيدهما بطريقة ما".
وأضافت "سرقت مفاتيح بيت أخي، ثم ذهبت إلى المتجر لأصنع نسخة عنها، لا يمكنني مغادرة المنزل بدون موافقة ولي أمري، كان الأمر خطرًا للغاية، ولو انكشفت كنت سأنال عقابًا مؤذيًا"، وتابعت، "عندما أصبحت المفاتيح بحوزتي، تمكنت من الحصول على جوازيّ السفر الخاصين بي وبأختي، كما أخذت هاتف والدي خلال نومه، وهكذا تمكنت من دخول موقع وزارة الداخلية عبر حسابه، وغيرت رقم الهاتف المسجل لديهم، من رقم والدي إلى رقم هاتفي أنا، كما استخدمت حسابه، لمنح نفسي واختي إذنًا بمغادرة البلد".
واستكملت، "غادرنا في الليل، حين كان الجميع نيامًا، كان الأمر مثيرًا للتوتر جدًا، جدًا، لا يمكننا أن نقود سيارة بأنفسنا، لذلك طلبنا سيارة أجرة. ولحسن الحظ، كل سائقي التاكسي في السعودية تقريبًا من دول أخرى، لذلك، سفر فتاتين لوحدهما لا يثير استغرابهم، وتوجهنا إلى مطار الملك خالد الدولي بالقرب من الرياض، لو أدرك شخص ما حينها ما كنا نفعله، أعتقد أننا كنا سنقتل".
الهروب
وأشارت سلوى، "في السنة الأخيرة من دراستي كنت أعمل في مستشفى، ووفرت مبلغًا من المال يكفي لشراء تذكرتي طيران، وتأشيرتي ترانزيت عبر ألمانيا، كما كان معي مبلغ وفرته من المساعدات التي تقدم للعطالين عن العمل".
وتابعت، "تمكنا أنا وأختي من صعود الطائرة المتجهة إلى ألمانيا. كانت تلك هي المرة الأولى التي أسافر فيها بالطائرة، كان الأمر رائعًا، شعرت بالسعادة، شعرت بالخوف، شعرت بكل شيء، اتصل أبي بالشرطة عندما أدرك غيابنا عن المنزل، لكن حينها، كان الوقت قد تأخر جدًا، ولأنني غيرت رقم الهاتف المرتبط بحساب والدي في وزارة الداخلية إلى رقمي الخاص، حين حاولت السلطات أن تتصل به، اتصلو بي في الحقيقة، وما أن حطت الطائرة، وصلتني رسالة من الشرطة، كان المقصود أن ترسل إلى والدي".
الوصول
وتضيف، "لا توجد حياة في السعودية، بعد انتهاء دراستي الجامعية، عدت إلى البيت، حيث لم أكن أفعل شيئًا طوال اليوم، كانوا يؤذونني، ويرددون أمامي أشياء مثل أن الرجال أعلى مرتبة من النساء. أجبرت على الصلاة والصوم في رمضان أيضًا، حين وصلت إلى ألمانيا، طلبت المساعدة القانونية للحصول على محامي في قضية طلبي للجوء، وملأت بعض الطلبات الخاصة بمعلومات متعلقة بي، وأخبرتهم بقصتي، اخترت كندا لأنها تملك سمعة جيدة جدًا في مجال حقوق الإنسان، كنت أتابع أخبار اللاجئين السوريين الذين انتقلوا إلى هناك، وقررت أنها المكان الأمثل بالنسبة لي".
وأردفت، "تمت الموافقة على طلبي، وحين وصلت إلى تورنتو، ورأيت العلم الكندي في المطار، أحسست بشعور رائع بتحقيق إنجاز"، موضحة، "أنا اليوم في مونتريال مع أختي، لا توجد ضغوطات أو توتر، لا أحد يجبرني على القيام بشيء هنا".
وتؤكّد سلوى، "قد يملكون مالًا أكثر في السعودية، ولكن هنا أفضل، فأنا حين أرغب بمغادرة الشقة التي أعيش فيها، أخرج بكل بساطة، لا أحتاج إذنًا، فقط أخرج، وهذا، حقًا، حقًا، يشعرني، بالسعادة، أشعر أنني حرة، أرتدي ما أرغب بارتدائه".
وتضيف، "أحب ألوان الخريف، وأحب الثلج هنا، أتعلم الفرنسية، لكنها صعبة جدًا! كما أتعلم ركوب الدراجة، وأحاول تعلم السباحة، والتزلج على الجليد، أشعر أنني أفعل شيئًا لحياتي، ليس لدي أي اتصال مع عائلتي، لكن أعتقد أن هذا أفضل لي ولهم، أشعر أن بيتي هنا الآن، هنا أفضل".
اقرأ المزيد : والد الفتاة السعودية الهاربة يكشف كواليس حياتها قبل لجوئها لكندا
"إنترسبت" يكشف سرّ اختفاء نساء السكان الأصليين في أميركا وكندا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر