بكين - أ ف ب
تعتبر مارغريت دوراس التي كانت لتحتفل خلال السنة الحالية بعيد ميلادها المئة، من اكثر الكتاب الفرنسيين المعاصرين شهرة في الصين حيث ساهمت روايتها "لامان" (العشيق) حول علاقتها بثري صيني في شبابها والفيلم الذي اقتبس عنها في شعبيتها.
في احدى اهم مكتبات بكين في حي شيدان تحتل ترجمات اعمال دوراس بلغة ماندارين جناحا كاملا. ومن بين الكتاب الفرنسيين الحاضرين ايضا على الرفوف المجاورة وحده ميلان كونديرا يحظى بالشرف نفسه.
ومع ان اسلوبهما مختلف تماما الا انهما الكاتبان اللذان حظيا باكبر عدد من الترجمات وهما الاكثر شعبية بين الكتاب الفرنسيين في الخمسين سنة الاخيرة.
وتقول دوان روبينغ الطالبة في علم الموسيقى "الاراء والثقافة مختلفة (عن تلك السائدة في الصين) الا ان دوراس من خلال اسلوبها تعرف كيف تربط كل شيء. وتعطيني الانطباع بان العالم شاسع ومليء وهي تنظر اليه من كل زواياه".
وبصفتها فنانة فهي تقول انها "تضطرب للصدى" الذي تخلفه فيها قراءة كتب دوراس.
وفي الواقع تعود شهرة دوراس النسبية في الصين خصوصا الى نجاح رواية "العشيق" التي نشرت قبل ثلاثين عاما. وتقول هوانغ هونغ الاستاذ في جامعة نانكين والاخصائية في ادب دوراس ان الرواية التي صدر ما لا يقل عن ثماني نسخ مختلفة عنها منذ العام 1985 تحولت الى "ظاهرة ادبية فعلية".
وموضوع الرواية وهي علاقة حب جارف في الهند الصينية في ثلاثينات القرن الماضي بين شابة فرنسية ورجل اعمال من "الصين الشمالية"، يلعب على وتر حساس.
ويوضح وانغ دونغليانغ الاستاذ في جامعة بكين المسؤول عن احدى اولى الترجمات "هذا الجانب المتعدد الثقافات والحب بين فرنسية بيضاء ورجل اسيوي كان امرا جديدا والطابع الايروسي للراوية كان غير مسبوق".
وهو يذكر ان "هذا الامر دفع بدار النشر الى الطلب مني في تلك الفترة بحذف مقاطع صغيرة من ترجمتي".
ويقول هو سيشه احد اوائلل الاستاذة الجامعيين الذين درسوا ادب دوراس "مع +العشيق+ اوجدت دوراس توازنا بين العالم الشرقي (الذي طبع شبابها) والثقافة الغربية".
ويوضح لوكالة فرانس برس ان القراء الصينيين "احبوا +العشيق+ بسبب الطريقة التي يروي فيها الامور واسلوبه المفكك. وقد عشقها جيل الشباب بسبب الطابع العصري لكتابتها".
فبعد سنوات الكبت خلال الثورة الثقافية عرفت الصين في الثمانينات مرحلة انفتاح حماسي على الادب الاجنبي وفي هذا الاطار اكتشف الشباب الظمئ ادب دوراس.
وقد ساهم في هذه الحماسة اشادة كتاب كبار ونافذين امثال وانغ شياوبو صاحب "العصر الذهبي" بها . وهو اشاد في محاولة ادبية ملفتة ب "ببساطة اللغة" في رواية "العشيق".
الا ان شهرة دوراس تعززت ليس فقط من خلال الراوية بل ايضا بسبب الفيلم السينمائي الذي اخرجه جان-جاك انو العام 1992 .
وكتب هوانغ هونغ في مقال نشر العام 2006 ان الفيلم "حظي في الصين بدعاية كبيرة جدا وقد خضع لمقص الرقيب عند بثه في الصالات" بسبب مشاهد الجنس "لكن سرت الكثير من النسخ الكاملة للفيلم سرا".
واضافت في المقال تقول ان "الفيلم سمح لدوراس بتحقيق شهرة اعلامية كبيرة جدا في الصين خلال التسعينات" مضيفة ان "كشف الصحف الصينية عن علاقتها بيان اندريا الذي كان يصغرها باربعين عاما تقريبا" ساهم ايضا في جعلها "نجمة".
ويقول جان-جاك انو لوكالة فرانس برس ان الممثل توني لونغ كاي-فاي من هونغ كونغ الذي ادى دور العشيق في الفيلم "تردد كثيرا قبل ان يقبل لان الدور كان صعبا جدا وفيه الكثير من العري في حين ان الصينيين محتشمون كما ان التصوير لاسابيع في شقة عازب كان يقلقه كثيرا".
ويضيف المخرج الفرنسي "قلت له: انت تمثل كرامة اسيا. والحب الذي كانت تكنه مارغريت لهذا الشخص كان حبا لكرامته وتصرفاته المرهفة.(..) ومن جهته فتح لي تون لونغ افاق العالم الصيني". وبالفعل صور المخرج فيلمه الروائي الطويل التالي في منغوليا.
ويبدو ان الاقبال على اعمال دوراس في الصين لم يتوقف حيث تتواصل ترجمة بعض اعمالها الاصعب ويصدر خلال السنة الحالية كتاب سيرتها من تأليف لور ادلير.
وتقول هوانغ ان في الصين كاتبات شابات مثل ميان ميان ووي هوي وكلاهما من شانغهاي، يستوحين من اسلوب دوراس.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر