مَضتْ تسع سنوات وشهر على استجابة الدولة لأهم مطلب للحركة الأمازيغية، وهو ترسيم اللغة الأمازيغية دستوريا، إذ صارت لغة رسمية إلى جانب العربية بمقتضى دستور المملكة منذ فاتح يوليوز 2011؛ لكنّ تفعيل مقتضيات الوثيقة الدستورية مازال متعثرا.
وكانت الآمال معلّقة على إخراج القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية لتجاوز العقبات المطروحة، لكنه كان مخيّبا لمكونات الحركة الأمازيغية، إذ قدّمتْ بشأنه جملة من التعديلات لم تأخذ الحكومة أغلبَها بعين الاعتبار.
وكانت آخر "الخيبات" التي أصابت مكونات الحركة الأمازيغية عندما رفضت الحكومة إدراج اللغة الأمازيغية في بطاقة التعريف الوطنية، بداعي وجود صعوبات تقنية تتمثل في غياب عقود الازدياد أو دفاتر الحالة المدنية مكتوبة باللغة الأمازيغية، لكن الحركة الأمازيغية اعتبرت ذلك "إقصاء جديدا"، رافضة الاقتناع بالتبرير الحكومي.
وفيما يستمر الشد والجذب بين الحركة الأمازيغية والحكومة، أقدمت هذه الأخيرة على المصادقة على المرسوم المُحدث للجنة الوزارية الدائمة لدى رئيس الحكومة التي سيُعهد إليها تتبع وتقييم وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
وفيما تعول الحكومة على اللجنة الجديدة للدفع قدمها بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بعد تسْع سنوات من التعثر، يرى التيجاني الحمزاوي، ناشط أمازيغي، أن السلطة التنفيذية كان عليها قبل إصدار مرسوم اللجنة الوزارية الجديدة أن تتخذ إجراءات لا تتطلب وقتا أو إمكانيات لتسريع تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
وقال الحمزاوي في تصريح لهسبريس: "لم نتمكن من الاطلاع على نص مشروع المرسوم الذي صادق عليه المجلس الحكومي، رغم ما جاء في بلاغ انعقاد المجلس، الذي حدد بعض اختصاصات اللجنة. ولكن قبل إصدار المرسوم كان من المفروض أن تسبقه إجراءات بسيطة تعبر بها الحكومة عن حسن نيتها، من أجل تجاوز ما يعرفه ملف الأمازيغية من عرقلة وقرارات إقصائية".
وستتولى اللجنة المذكورة، التي أُسندت رئاستها الدائمة إلى رئيس الحكومة، دراسة مخططات العمل والبرامج القطاعية المرتبطة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، كما ستسهر على التقائية السياسات العمومية في هذا المجال، وتتبع وتقييم تنفيذها داخل الآجال المحددة لها.
وإذا كانت الحكومة تتعامل بنوع من الحذر مع ملف الأمازيغية، فيما تلوّح في أحيان بأن هذا الملف يتجاوزها، اعتبر التيجاني الحمزاوي أن تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والنهوض بها هو التزام قانوني لها، من خلال المادة 34 من القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل طابعها الرسمي.
ويرى المتحدث أن أي تبرير بكون ملف الأمازيغية يتجاوز الحكومة لا يستند إلى أي أساس، "لأن الحكومة مسؤولة دستوريا أمام الملك وأمام البرلمان ومسؤولة سياسيا أمام الشعب".
وفي وقت بادر رئيس الحكومة الحالي إلى إرسال بعض الإشارات، من قبيل مطالبة جميع القطاعات الوزارية بإمداده بتصوراتها لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، قال التيجاني الحمزاوي إن "المستقبل هو الكفيل بإظهار قدرة الحكومة على تدبير هذا الملف الضخم والشائك"، لكنه استدرك: "سوابق الحكومة في التمييز والإقصاء تجعلنا متوجسين من النتيجة".
قد يهمك ايضا:
عدد المناصب يسائل جدّية وزارة التربية المغربية في تدريس اللغة الأمازيغية
البرلمان المغربي يقرّ قانون اللغة الأمازيغية بعد جدال دام 3 سنوات
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر