سيبيريا - المغرب اليوم
إذا كانت "تربية طفل تتطلب قرية" كما يقول المثل الشعبي الأفريقي، فيبدو أنّ حماية الحياة البرية تتطلب مجموعة قرى، وهذا ما فعلته تحديداً ثلاث قرى في الهند لحماية طائر من خطر الموت.في كل عام، وفي طريق هجرتها من سيبيريا، تأخذ مئات الآلاف من صقور عمورية amur falcon استراحة في سماء ولاية ناغالاند في أقصى الشمال الشرقي من الهند، ويرسم منظرها وهي تحلق مشهداً رائعاً قد يكون عبارة عن أكبر غطاء جوي تشكله الصقور في العالم، ما يجعلها في الوقت نفسه عرضة للخطر.ففي السنوات الأخيرة، عمد سكان القرى في الولاية إلى صيد هذه الطيور للحصول على لحمها، ما أدى إلى وقوع نوع من "المجزرة الجماعية" بحقها.ويقدر المسؤولون في المنظمات البيئية أن عدد الطيور العمورية التي يتم اصطيادها في كل عام يصل إلى حوالي 120 ألف طائر، ولكن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير.وبهدف وضع حد للمجزرة، أطلق تجمع "تعهد حماية الحياة البرية والتنوع البيولوجي في ناغالاند" هذا العام، في بداية موسم الصيد، برنامج "أصدقاء صقر عمورية"، لحماية هذه الطيور المهاجرة من خطر الصيادين.وانضمت ثلاث قرى إلى الحملة وهي بانغتي وأشاع وسنغرو. ويقول حاكم ولاية ناغالاند نيفيو ريو إن "من واجبنا حماية هذه الطيور الرائعة عندما تمر في سماء الولاية ومعاملتها باحترام وتقدير كما نعامل ضيوفنا، وذلك وفقاً لتقاليد الضيافة في ناغا".وتقوم الحملة على تجريم صيد الصقور وفرض غرامة مالية على المخالفين للقانون والتهديد بوقف الهبات إلى القرى المتورطة بالصيد.كما تعهد السكان والمعنيون بالقيام بدوريات يومية لملاحقة الصيادين والتأكد من تطبيق القانون.ويعتبر صقر عمورية من أروع أنواع الصقور والطيور عموماً. وهو طائر جارح صغير بحجم "طائر الحمام" يتكاثر في جنوب شرقي سيبيريا ويقضي الشتاء في أفريقيا الجنوبية، ولذلك فهو يمتاز بأنه يقوم بأطول جولة هجرة في تاريخ عالم الصقور، إذ يسافر لمسافة 22 ألف كيلومتر في السنة.ويعتمد نظام غذاء هذا الصقر على الحشرات الصغيرة والنمل الأبيض فقط، ما يجعله مفيداً جداً بالنسبة للمزارعين.ويقول المصور الفوتوغرافي المتخصص في الحياة البرية، رامكي سرينيفاسان، إن "الأهمية البيئية لهذا الطائر ضخمة جداً"، مضيفاً أن "سياسة العصا والجزرة نجحت حتى الآن، ولم نسجل أي حالة صيد هذا العام".وبدأ الأسبوع الماضي علماء من هنغاريا برصد رحلة سفر صقر عمورية من خلال الأقمار الاصطناعية لتحديد مساره بالتعاون مع الحكومة المحلية في الولاية الهندية.
وبالرغم من ذلك، لا يبدو أن التفاؤل سيد الموقف. فقد بدأ العديد من الصيادين ووجهاء القرى في ناغالاند التذمر من الخطة، وطالبوا الحكومة بتأمين الموارد المالية لإنشاء مزارع دجاج أو أسماك بديلة.أما سرينيفاسان فيعلق على الموضوع قائلاً إنّ "الأولوية لوقف الصيد ومن ثم ندعو الأطراف المتنازعة إلى طاولة حوار"!
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر