آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

فيلم "يوم الدين" يدخل المسابقة الرسمية في النسخة الـ 71 لمهرجان كان

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  - فيلم

فيلم "يوم الدين"
القاهرة - المغرب اليوم

دخل فيلم "يوم الدين" للمخرج أبو بكر شوقي المسابقة الرسمية في النسخة 71 لمهرجان كان، وأفعم هذا الحدث الوسط السينمائي العربي، فهي أول مشاركة مصرية في الحدث الرئيسي للمهرجان منذ "بعد الموقعة" ليسري نصر الله في 2012. لكن على خلاف نصر الله، ليس شوقي من المخرجين المعروفين، فـ"يوم الدين" هو فيلمه الروائي الطويل الأول.

بعد فيلم "اشتباك" لمحمد دياب الذي عرض في قسم "نظرة ما" ضمن الاختيارات الرسمية عام 2016، و"بعد الموقعة" ليسري نصر الله الذي شارك في المسابقة الرسمية عام 2012، تعود السينما المصرية إلى مهرجان كان 2018 لتسابق في قسمه الأرقى على السعفة الذهبية بفيلم "يوم الدين" لأبو بكر شوقي. وتعود آخر مرة شارك فيها مخرج بفيلمه الأول لسنة 1989 حيث أحرز ستيفن سودربرغ السعفة الذهبية عن "جنس، أكاذيب وفيديو"!

وكان شوقي قد أنجز قبل عشر سنوات وثائقيا بعنوان "المستعمرة" حول مستعمرة الجذام في أبو زعبل. يتابع "يوم الدين" رحلة الشخصية الرئيسية "بشاي"، وهو رجل قبطي من جامعي القمامة شفي من الجذام، لكن آثار الجروح شوهت جسده ووجهه، يرافقه فيها الطفل النوبي الملقب "أوباما".

بعد أن توفيت زوجته المريضة عقليا، يغادر بشاي مستعمرة الجذام في شمال مصر حيث أهملته عائلته وهو صغير للبحث عن جذوره في جنوب البلاد. ويترك أوباما وراءه الميتم المجاور الذي نشأ فيه، لينطلق مع صديقه على متن عربة يجرها الحمار "حربي" عبر أنحاء مصر في اتجاه محافظة قنا.

مريض ويتيم على ظهر حمار.. تبدو بداية القصة وكأنها نكتة مألوفة أو حكاية من أدب الرحلة العربي، وتذكر حتى بقصة "الطفل" (فيلم من 1921) المتروك الذي يتبناه منظف الزجاج الفقير شارلي شابلن... نجد أيضا في "يوم الدين" صدى فيلم "الحياة جميلة" للإيطالي روبرتو بينيني والذي فاز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان 1998، وهي قصة صداقة مؤثرة بين رجل يعتني بطفل في مخيمات الموت النازية.

بروح ميلودرامية وبموهبة عالية، يمزج شوقي في نظرته وانتقاده للمجتمع بين الكثير من الضحك وبعض من الوجع. وإن كان المخرج قد جمع كل مكونات أفلام الرحلة، فذلك ليس كافيا ليجد الشريط طريقه نحو المنافسة الجدية على السعفة الذهبية، فمستوياته الفنية غير متساوية، لكن يرجح أن يقدّر جمهور كان عددا من العناصر المتميزة ويستمتع برسائله القوية التي تسلط الضوء على المهمشين.

ويستحق شوقي، وهو أيضا نمساوي ودرس السينما في نيويورك، الثناء لعودته إلى موطنه مصر وتركيزه عدسته على مواضيع حساسة. فيفضح المخرج المفاهيم الخاطئة عن المرض، والتي قد تتجاوز المجتمع المصري، فهو ليس معديا خلافا لما يتصوره العديدون. فلعب دورَ بشاي راضي جمال، وهو حقا كان مصابا بالمرض وليس من الممثلين المحترفين. وصرح شوقي في المؤتمر الصحافي أن أحمد عبد الحفيظ الذي تقمص شخصية الطفل الصغير يلقب أيضا في الحياة اليومية "أوباما"، ويهوى مشاهدة تصوير الأفلام.

ويلاقي الصديقان غير المرغوب فيهما جميع المتاعب والمصاعب، فالجوع يترصدهم والضياع وقطاع الطرق... وحتى الحمار حربي يموت في أثناء الرحلة ويجد نفسه بشاي يوما في مركز للشرطة مقيدا بالأصفاد إلى مسلم متدين! فبشاي كان على الشاطئ ثم دخل المدينة بثياب البحر ليحمل أوباما الذي تعرض لحادث صغير إلى المستشفى، فاعتبرت الشرطة أن هيئته "تخل بالأخلاق". بخط غليظ يرسم شوقي، الذي عكف على كتابة السيناريو منذ العام 2013 حسب ما قال شوقي في المؤتمر الصحافي، أيضا محرمات المجتمع المصري، لا سيما الجسد، فهنا حتى الجسد المشوه المبتور يظهر في شكل تهديد.

كما تجري العادة في أفلام الطريق، ينجح بشاي في الهروب من السجن وينتظره في الخارج المزيد من العراقيل. إذ يستقل مع أوباما مختلف وسائل النقل من شاحنات وقطارات حيث يتعرضان للظلم والردع، فحتى الشحاذون لديهم "قطاعهم" المخصص في الشوارع العمومية. يلتقط المصور الأرجنتيني فيديريكو سيسكا بأسلوب غير مألوف مشاهد بالغة الجمالية عبر البلاد، مشاهد جبال النفايات والسرقة والتسول والفقر المدقع والصحاري والقرى الصغيرة. وقال شوقي "بلدي جميل جدا والعديد من النواحي لا أحد يظهرها" وكانت بذلك الصورة نقيضا للبطاقات البريدية والملصقات السياحية المعتادة عن مصر والتي يجهلها أهلها الفقراء، فيسأل أوباما بشاي أمام هرم صغير ليس من الأهرامات المعروفة "هل هذه هي الأهرام ؟"!

هناك لحظات مسلية بالفعل، بعضها مليودرامي وبعضها مغعم بالواقعية، رغم بعض المقاطع "التعليمية" السطحية على غرار دفاع بشاي عن نفسه حين يضبطه المراقب دون تذكرة في القطار "أنا إنسان!". وقال المندوب العام لمهرجان كان تيري فريمو أن الفيلم يكتسي صبغة أفلام الواقعية الجديدة الإيطالية. وهي حركة تجسدت عبر العديد من كبار المخرجين الإيطاليين على غرار روسيليني وفيسكونتي، وظهرت خلال الحرب العالمية الثانية وتواصلت حتى منتصف خمسينات القرن الماضي.

وما يقرب "يوم الدين" من هذه الموجة ميزته الأساسية المتمثلة في إظهار الواقع كما هو عبر مزج بين الخيال والواقع والنظرة الوثائقية وبالتعامل غالبا مع أشخاص من الشارع بدل الممثلين المحترفين، فهو نوع من إضفاء نسق روائي على "الحياة الحقيقية".

ولم يخلُ الفيلم من لقطات تحاول إضفاء نغمة إنسانية دافئة مع بعض الفواصل الغنائية، على الرغم من أنها نادرة ولا تنقل معلومات جديدة ولا تؤثر في سير الأحداث. المغزى منها هو أن الخير وأهله لا ينقطع رغم كل المصائب والتهميش الذي تتعرض له الشخصيتان، ففي عديد المرات يلتقي بشاي وأوباما أشخاصا يساعدونهما، لا سيما مجموعة من المتسولين وذوي الاحتياجات الخاصة.

ومن الميزات الأخرى للواقعية الجديدة التي نجدها في فيلم شوقي هي النظرة التي تتحول من تحليل للفرد إلى سبر في محيط المجموعة مع سرد ظرفي يلقي الضوء على وقائع موجعة تنتقد بصفة مفتوحة السلطة القائمة ببطشها أو لا مبالاتها، فلا تسلم قضايا الفساد والبيروقراطية والعنف من كاميرا المخرج. لكن أوضح شوقي خلال المؤتمر الصحفي "كل ما له علاقة بالدين أو السياسة في الفيلم ليس موقفا شخصيا".

وفي مصر التي تتعايش فيها الديانات في ظل شبح الإرهاب، يصور أيضا شوقي رسائل تسامح وخفة روح على غرار ذلك المشهد الذي يصلي فيه بشاي مع أوباما في مسجد. فكما يقول بشاي "لن نصبح متساوين إلا في يوم الدين"، ومهما كان نوع الاختلاف يخلق المخرج المصري فتحة للتعايش السلمي والصداقة... رأى البعض أن فيها شيء من "السذاجة"!

وكشف شوقي أن سبب غياب بشاي وأوباما عن البساط الأحمر، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات والإشاعات، أن راضي وأحمد لم يسافرا أبدا من قبل، وأنهما تحصلا على جوازي سفر وتم منعهم في مطار زيوريخ من ركوب الطائرة "لأن التأشيرة لا تصلح سوى لفرنسا". لكن الأمر يبقى غامضا فقال شوقي "لا أفهم ما حصل لأنهما لم يكونا ليغادرا مطار زيوريخ".

اختيار مهرجان كان المفاجئ لهذا الفيلم المصري يحمل طاقة إيجابية وإشارة مشجعة للسينما المستقلة ولشباب المخرجين العرب، فهل يفوز بإحدى جوائز هذه النسخة على غرار "أوباما" صغير مهمش يكون له يوما قدر رئاسي؟

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيلم يوم الدين يدخل المسابقة الرسمية في النسخة الـ 71 لمهرجان كان فيلم يوم الدين يدخل المسابقة الرسمية في النسخة الـ 71 لمهرجان كان



GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء

GMT 14:11 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمعية خيرية تنظيم حملة للتبرع بالدم في تاوريرت

GMT 09:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيقاف وسيط في تجارة الممنوعات بالقصر الكبير

GMT 04:03 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب تربوي جديد للدكتور جميل حمداوي

GMT 13:41 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ليلى أحمد زاهر تهنئ هبة مجدي بخطوبتها
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca